اقتباسات من رواية سمرقند

و قُم فلسوفَ تُطيلُ المنام

عُمَر الخيام

ماذا تريد أن أقول ، هذه الأمور محجوبة ، وأنا وأنت واقفان عند ناحية الحجاب نفسها، وحينما يسقط لن نكون في هذه الدنيا.

عقيدتنا محاصرة من كل صوب، من قرامطة البحرين، ومن إماميّة «قُم» الذين يترقّبون ساعة الثأر، ومن الطوائف الثنتين والسبعين، ومن الروم في القسطنطينية، ومن الكَفَرَة من جميع الأصناف، ولا سيما إسماعيلية مصر الذين يحتشد مريدوهم حتى في قلب بغداد، وهنا

كثيرة هي المدن التي تزعم أنها أكثر ديار الإسلام قِرى للضيوف، غير أنّ أهل سمرقند وحدهم يستحقّون مثل هذا اللقب فلم يكن على أيّ مسافر حسبما أعلم أن يدفع ثمن مبيته أو غذائه، وأعرف أُسَراً برمّتها أَفْلَسَتْ من جرّاء إكرام الزائرين و المعوزين.

ينبغي أن يكون لك وجهان، واحد تريه للناس وآخر لنفسك ولخالقك. وإذا أردت أن تحتفظ بعينيك وأُذُنيك ولسانك فانسَ أنّ لك عينين وأُذُنين ولساناً.

لقد سُمِعْتَ تقول: «أَذْهَبُ أحياناً إلى المساجد حيث الظلّ مواتٍ للنوم».

‫ـ وحده الإنسان المسلم لخالقه يجد إلى النوم سبيلاً في مكان للعبادة.

عمر، يا ابن إبراهيم صانع الخِيام من نيسابور، أتعلم كيف تتعرّف إلى صديق؟

‫إن في هذه العبارة نبرة إخلاص تقرع الخيّام وتسوطه. «تتعرّف إلى صديق؟» وقلّب السؤال بجدّ، وتأمّل وجه القاضي، وتفحّص ابتساماته الهازئة وانتفاضات لحيته.

لقد انتصرت تبريز.

‫غير أن تبريز كانت تموت.

ينبغي تدمير تبريز فهي تستأهل أَمْثَلَ العقاب. وإذا غُلِبَتْ لم يجسر أحد على الحديث عن الدستور ولا عن البرلمان ولا عن الديمقراطية؛ وسيكون في وسع الشرق أن يعود إلى نوم القبور.

«لقد أنقذ هذا المدفع الدستور!».

«فارس مريضة، وعند سريرها عدد من الأطباء، عصريين وتقليديين، وكلّ يعرض أدويته والمستقبل رهن بمن يفوز بالشفاء. وإذا انتصرت هذه الثورة كان على «الملالي» أن يتحوّلوا إلى ديمقراطيين؛ وإذا أخفقت وجب على الديمقراطيين أن يتحوّلوا إلى «ملالِ».

السرو الذي شَذَّبَهُ أمهرُ البستانيين في صورة ثيران وأفيال وجمالٍ مُنيخة وفهود متواجهة تبدو وكأنها تستعدّ للوثوب والحقّ أن عمر لم يرَ داخل حَرَم القلعة بالذات، من باب الدير غرباً حتى باب الصين، غيرَ بساتين ملتفَّة وسَواقٍ هادرة ثم، ...

«أبو علي»، إنها أكثر الكُنى شيوعاً. ولكنْ عندما يذكرها مُثَقَّف في بُخارى أو قُرطبة أو بَلْخ أو بغداد بمثل هذه النبرة النامّة عن إجلالٍ مألوفٍ فلا مجال للَّبس، فهو أبو عليّ ابن سينا.

هناك اعتقاد قديم في سمرقند: حين تصادف المرأة التي ستغدو أُمّاً إنساناً غريباً يروقها شكله فإنه ينبغي عليها أن تتجرّأ على مشاطرته طعامه، وبذلك يغدو الولد في مثل جماله وقامته الممشوقة وقسماته المليحة التامة ‫تباطأ عمر وأخذ يمضغ اللوزات المتبقّيات بفخار.

إنه لا يحمل تاريخاً ولا توقيعاً ولا شيء غير هذه الكلمات المتحمِّسة أو المتقزِّزة: سمرقند، أجمل وجه أدارته الدُّنيا يوماً نحو الشمس.

كانت صندوقته المصنوعة من الذهب تحميه فسوف يبرز من الظُلُمات البحرية وقد اغتنى قَدَرُه بمغامرة جديدة ولسوف تستطيع بعض الأصابع ملامسته وفتحه والإيغال فيه؛ وتتابع عيونٌ مأسورةٌ من هامش إلى هامش وقائع مغامرته فتكتشف الشاعرَ وأبياته الأولى وسكراته الأولى ومخاوفه الأولى.

و فرقة الحشاشين.

عندما غرقت الباخرة «تيتانك» في الليلة الرابعة عشرة من شهر نيسان (أبريل) 1912م في عُرض مياه «الأرض الجديدة» كان أعظمُ الضحايا وأعجبُها كتاباً هو نسخة فريدة من «رُباعيّات» عمر الخيّام، وهو حكيم فارسيّ وشاعر وفلكيّ ‫ولسوف يكون حديثي عن هذا الغرق قليلًا.

والآن أجِلْ بصرك في سمرقند! أليست مَلِكَةَالدُّنيا؟ مزهوّة على جميع المدن، وفي يديها مصائرهنّ؟‏

‪ادغار ألان پو‎

‪ (1809 ـ 1849)‎

سمرقند .. أجمل وجه أدارته الأرض نحو الشمس .

عندما ولدت في الأول من آذار مارس عام 1873م... وإن لم يكن والداي يريدان إرباكي بهذا الاسم الآتي من بعيد... "عمر" فقد أخّراه إلى المرتبة الثانية لأتمكن إذا رغبت من استبداله بـ (ع) [5 بالحرف اللاتيني]... لم تكن الوراثة التي آلت إليّ على هذا النوح إلا لتوقظ فضولي في ذك الإشبين المغرق في القدم، وفي الخامسة عشرة شرعت اقرأ كل ما يتعلق به... وتعلمت ألا أرى في حرف (ع)... سوى راسب لا يمحى لطيش أبويّ صبياني، إلى أن أعادني لقاء إلى شغفي ووجه حياتي بإصرار على خطى الخيام