الحلم خير من يلعب بالزمن، كما يلعب المصور بالألوان.
عهد الشيطان
نبذة عن الكتاب
إحدى مجموعات توفيق الحكيم القصصية الفلسفية الممتعة كل هذه الخواطر كانت تدور في خلد العالم "فوست" وهو جالس أمام كتاب في علم الفلك تحت نور ضئيل في حجرة كالقبو من حجرات القرون الوسطي. ولم يكن بالمكان أحد. ومع ذلك فقد سرت في جسم العالم المتهدم رعدة. إذ شعر أنه ليس وحده في المكان. فتردد قليلاً ثم استدار بعينيه المنطفئتين يبحث في أركان الحجرة، فلم يجد أحداً غير ظلال نور الصباح تتلاحق فوق الحائط القاتم كالأشباح اللاعبة. فتملكه خوف لم يدر سببه.. ووضع وجهه في كتابه يحاول القراءة ويلتمس فيها هدوء الخاطر. وإذا صوت هامس يلقى في أذنه: فوست! فوست! لقد سمعت ما دار في نفسك! فجمد الدم في عروق الشيخ، واستطرد الصوت: لا تخف. ألا تعرف من أنا؟ لم يحر العالم جوابا، ولم يجرؤ علي الحركة وظل في جلسته كتمثال من الشمع. فأستأنف الصوت: أنا الذي يستطيع أن يمنحك ما تطلب… هنا دبت القوة في نفس الشيخ، وزال عنه الخوف والتفت إلي مكان الصوت فأبصر وجها غريب السحنة لا يشبه وجوه البشر، يبسم له ابتسامة عجيبة. ولم يجد لهذا الوجه جسما، فقد كان محاطاً بالظلام. تمالك الشيخ وتحامل، ثم قال في صوت واجف: من أنت؟ فنظر إليه الوجه نظرة ثانية وأجاب: وهل يعنيك كثيراً أن تعرف من أنا؟ من أنت؟ دائماً تريد أن تعرف. دائماً حب المعرفة!.. أيها الأحمق الفاني!.. أما يكفيك أنى أعطيك ما تطلب؟ كل ما تطلب؟ من أنت؟ الشيطان؟ دهش العالم ونظر إلي الوجه من جديد، فألفاه يبسم تلك الابتسامة التي لا تتغير. فردد في بطء، وهمس كأنما يخاطب نفسه: الشيطان.. ودنا الوجه قليلاً من الشيخ، وقال في نبرة لطيفة: أتخافنى؟ الشيطان.. لا تخف، انتظر. وفي الحال أبصر الشيخ ذراعين وقدمين وبقايا جسم آدمى تأتي طائرة طائعة من انحاء الحجرة، وتلتصق بالوجه حتي صار إنساناً، وتغير الوجه فصار كوجوه البشر، ومد ذلك الإنسان يده إلي كرسي بجانب الشيخ، وجلس وهو يقول كالمخاطب لنفسه: "ها أنا ذا إنسان لا ترى إلا من كان صورتك! إنى في خدمتك". هدأ روع العالم قليلاً، وتذكر ما كان فيه منذ لحظة من ضيق بنفسه، وتبرم بحياته، فاهتز في مقعده وصاح: أيها الشيطان، أعطنى.. أعطنى.. اطلب ما شئت. الشباب. لفظها الشيخ الفاني من أعماق قلبه المتداعى… فأجاب الشيطان في تؤدة: لك ما طلبت. ولكن… ما تعطيني أنت في مقابل هذا؟ إن الشيطان لا يعطى لوجه الله! فقال الشيخ من فوره: أعطيك العلم.. كل ذلك العلم الذي اكتنزته مدى ثلاثين عاماً. فقهقه الشيطان: لا حاجة بي إلي هذه البضاعة، علمك لا ينفعني. إنى أريد منك شيئاً آخر. ماذا؟ نفسك. فلم يتردد الشيخ: هي لك.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2007
- 114 صفحة
- ISBN 9770918369
- دار الشروق
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفرهمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Aya M Bayuomi
للعلم انا من عشاق الحكيم وتقدروا تقولوا ان كتبه هي اللي هونت عليا سنوات الثانوية العامة التقيلة لأن مدرستي كان فيها مكتبة عامرة بروائع الأدب العربي ومنها كل كتب توفيق الحكيم فتقدروا تقولوا اننا أصدقاء قدام
كتاب ده بيحتوي على قصص قصيرة وخواطر ومحاورات بين توفيق الحكيم وبعض شخصياته
من اكتر القصص اللي عجبتني فيه قصة عدو ابليس وهي عبارة عن حوار تخيلي حصل بين ملك الموت وابليس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
كالعادة في اعمال الحكيم فيه فلسفة وجمل حوارية تقيلة تستحق الاقتباس ده غير انه بيلقي الضوء في بعض اجزاءه على شخصية الحكيم ونظرته لنفسه ولاعماله وشخصياته ودي حاجة مفيدة بالنسبة للمعجبين أمثالي