اقتباسات من رواية إنجيل بيسوا: أن تولد من رحم لحظة بعينها

«أنا لا أحد، لا أعرف كيف أحس، لا أعرف كيف أفكر، لا أعرف أن أرغب، أن أريد، أنا هوامش مدينة ليس لها وجود، أنا التعليق المسهب على كتاب لم يُكتَب، أنا شخصية رواية ما زال ينبغي أن تُكتب».

كان هذا مجاز الحب بالنسبة إليه، عالم يفقد فيه كل مميزاته وحواسه، الحب يجعله شرطيًا سيئًا، لكنه يبرأ فيه من خوف الفراغ، وخواء الذات، شيء ما يمنحه إياه الحب يجعله مميزًا، نظرة نادية له تشعره أنه حقيقي، أن يملك شيئًا في العالم اختاره بنفسه ولم يختره أحد له.

لو أردت أن تحل تلك القضية عليك أن تكون صيادًا، أن تصطاده خارج شخوصه، أن تحطم أقنعته بلا هوادة وأن تُجهِّز مرآة لينظر إلى نفسه، عندها سيُمكنك مخاطبته.

أنتَ هلوسة مرئية وسمعية، أعلم جيدًا أنها كذلك، وأعلم أنها طريقة عقلي في التشبث بالعيش، لهذا أقبلكَ كما أقبل بثرة في منتصف الظهر لا تصل إليها يداي، كما أقبل المطر في ليلة باردة لا أرتدي فيها حذاءً ثقيلًا، كما أقبل

لا ماضي للصياد، فقط فريسة قادمة،

كانت وما زالت بضاعته الاستفزاز وزبونها المثالي هم المتعطشون للتعالي الأخلاقي على الآخرين بإيجاد شيء يشاركونه على صفحتهم ويدينوه يوميًّا ويشعرون بالنشوة لأنهم أعلى منه أخلاقيًّا، كان فريد يمنحهم تلك النشوة وهم يمنحونه الانتشار في صفقة مبتذلة بين الرداءة والنفاق الاخلاقي الاجوف

‫ لا يولد المرء إلا من رحم لحظة بعينها، يذوب كل ما قبلها، في حين تؤسس تلك اللحظة لكل ما يليها.

يستدعي الأمر رجلًا مُحطمًا ليفهم رجلًا محطمًا، عندما تتحطم وتحاول جمع أجزاءك المبعثرة، المدببة، الحادة، عندما تُدمي يديك مرات ومرات وأنت تُحاول ترميم هويتك، يمنحك حطامك خبرة ما في فهم حطام الآخرين، وتحاول مُمارسة العملية نفسها عليهم، تُحاول جمع أجزائهم المحطمة.

العالم تسوده صفتان، المؤقتية والمشغولية، الجميع يلهث وينشغل في دوارة الحياة والعمل والرزق هربًا من المؤقتية والهشاشة التي تكسو كل شيء.

المرء لا يعرف نفسه إلا في خضم معركته مع ما يكره.

لا يولد المرء إلا من رحم لحظة بعينها، يذوب كل ما قبلها، في حين تؤسس تلك اللحظة لكل ما يليها، أحدهم يولد من رحم لحظة خجل، فعل شجاعة، جنون اشتهاء، أما هو فولد من رحم إيماءة، إيماءة استحسان لا أكثر!

لا أحد يُجيد الإنقاذ مثل رجل مُحطَّم، خبرته مع حُطامه تمنحه السجية المُناسبة لإنقاذ الآخرين من حُطامهم.

كل شيء في هذا الوجود يعتمد على الاستعارة التي يختارها المرء ليحيا بها، ليرى عبرها العالم.

لم يكن التحدي أبدًا في طلب أحدنا أن يغفر للآخر، كانت العقبة الكبرى في أن يغفر كل منَّا لنفسه.

أن يختبر المرء مُعاناة صافية تشكل خصوصيته، تُميزه عن الآخرين ثم يقرأ يومًا في كتاب أديب لا يعرفه، توصيفًا دقيقًا لما ظن يومًا أنه لا لفظ يُمكن أن يعبر عنه، فيعرف أنه ليس مُميزًا وأن ألمه جماعي وقديم ومُعاد.

كل كفيف يُريد مُقايضة العالم من أجل ليلة يُبصر فيها ما فاته، يبصر الألوان، يبصر شروق الشمس، يُبصر وجه أمه وأحباءه.

الحيوان في شيخوخته يُدرك موعده، ويستسلم له.

لا يُغالي في الارتجاف من الموت مثل البشر، البشر هي المخلوقات الوحيدة التي تُدرك منذ البداية أنها ستموت، أما الحيوانات تُقابل موتها في الشيخوخة مثل غنيمة مُفاجئة تقدمها الطبيعة، مثل راحة تحفظ لها كبرياءها.

متى خبر المرء حقيقته؛ تزول قوة أنداده وصوره المُتخيلة، تُفسد الحقيقة بحضورها كل قناع نصطنعه. تظل كامنة أسفل ركام أكاذيبنا، تظل حاضرة مثل غُصة في الحلق لتخبرنا أننا لسنا القناع الذي نرتديه.

- لا شيء مثل الذنب يعمل كمحرك للمرء، الذنب يصنع مثاليين، الذنب يثقلنا فننحني لنلتقط كل تفصيل من تفاصيل العيش وهفواته كيلا تفلت منا.

‫ لا يولد المرء إلا من رحم لحظة بعينها، يذوب كل ما قبلها، في حين تؤسس تلك اللحظة لكل ما يليها