بعدما قطعت أكثر من نصف الرواية بدأت أحزن لأقتراب لحظة الفراق...و كأن أحد أحبائك يقضي معك أجازة ممتعة و كلما تذكرت أن موعد السفر قد اقترب تبدأ بالبكاء...قمت باختصار فترة القراءة اليومية حتى تطول الرواية أكثر...
الى ما قبل قراءة الطنطورية و أنا لاجئ بالوراثة ..أسمي مقيد في الأونروا لأن أبي كان لاجئا و لكنني شخصيا لم ألجأ و لم أحضر النكبة ولا النكسة ولا أيلول الأسود ولا اجتياح بيروت ولا حرب المخيمات..
فكانت علاقتي بتاريخي الفلسطيني نظرية بحتة و لكن بعد قراءة هذه الرواية أصبحت لاجئا رسميا و عشت تفاصيل النكبات بتفاصيلها بل كنت جزءا منها...تألمت و بكيت, ضحكت ولعبت, حملت البندقية و قاتلت ..عشت تفاصيل المأساة لحظة بلحظة بمرها و أمرها...ثم أخذتني لأكون جزءا مستسلما من الواقع السخيف " بدنا نعيش" و لكن لسان حالي كان دائما يقولها مع بطلة الرواية "ملعون أبوها من عيشة"..
أجمل ما في الرواية أن الكاتبة عربية مصرية و ليست فلسطينية و هذا تأكيد على أن فلسطين لكل العرب و في قلب كل عربي شريف و الأروع من ذلك هو القدرة الهائلة للكاتبة في الغوص بأدق تفاصيل حياة الأنسان الفلسطيني و عادات و تقاليده و حتى تراثه غير الموثق...
بأختصار..هذه ليست رواية ..بل وثيقة تاريخية للجوء الفلسطيني..يجب الأحتفاظ بها كمرجعية و قرائتها أكثر من مرة من هذا المنطلق..