تاكسي : حواديت المشاوير > مراجعات كتاب تاكسي : حواديت المشاوير > مراجعة أمل لذيذ

تاكسي : حواديت المشاوير - خالد الخميسي
تحميل الكتاب

تاكسي : حواديت المشاوير

تأليف (تأليف) 3.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

تمثل مهنة سائق سيارة الأجرة مادة خاصة للكتاب سواء كانوا كتاب سيناريوهات سينمائية أو الروايات و القصص ،فهذه المهنة مع البساطة التي ترتسم في إطارها الخارجي إلا إنها تحوي الكثير من المضمون الفكري و العاطفي عن المجتمع ،و سائق سيارة الأجرة حينما ينقل الركاب مع تنوعهم على مختلف الأصعدة هو أيضا تنتقل له ما تكنه نفوسهم و همومهم و ضحكاتهم و حكاياتهم ،و الكثير من سائقي الأجرة ينقلون تلك الحكايا لغيرهم ممن يتنقلون معم ،و ربما يعود ذلك لتقليل أجواء الضجر ،و ربما لتسريب ما يحدث خارج سيارات الأجرة داخلها، و ربما تكون مشاركة شخص غريب في شأن عام يهم قطاع كبير من الناس من الأمور العادية في مجتمعاتنا ،و ربما يتم السرد البوحي بين السائق و الزبون في أمور خاصة لإنهما يظنان بإنهما لن يلتقيان فهذا بوح ذائب في سيارة الأجرة ،و إن تجاوزها فلن يكون مع الأسماء الحقيقية و البيانات التفصيلية عن الأشخاص ،و ربما تقصر مسافات التنقل الطويلة مع تبادل الأحاديث خاصة مع الإزدحام و التعطيلات المرورية،و ربما يعتبر السائق أو الركاب أو كليهما بأن اللقاء التنقلي الذي تم بينهما هو محطة لإسترجاع ذكرى إنطوت أو للتبيه لنقطة حياتية غفل عنها ،لقاء يحمل الصدفة و التغيير ،فكل شيء و أي شيء قابل للحدوث في التنقلات التي تتم في سيارة الأجرة ...

و عن هذا الموضوع ،سمعت إحداهن و هي مسرورة للغاية و بتعابير بهجة و فضول ،تقول بإنها مع قدرتها على إمتلاك سيارة خاصة بها و قيادتها إلا إنها تفضل إستخدام سيارات الأجرة،و أضافت بإنها تعرف أحوال البلد و ما يحدث فيها من خلال سائقي سيارات الأجرة،و أوضحت بإنها ترغب في معرفة ما يثير إهتمام مجتمعها و تحديدا مجتمع القاهرة،فوجدت بأن خلال فترة تحرك مركبات الأجرة و مع إكتظاظ الشوارع بالسيارات تسمع ملخصات و أحيانا قصصا عن المستجدات التي تحصل في بلدها،و الملخصات تأتي تارة على شكل نكتة، و تارة على شكل أغنية، و تارة على شكل خبر شبه مؤكد ممنوع نشره مع أن العديد من الناس يعرفونه،بالإضافة إلى أشكال أخرى،فلكل سائق حسه الروائي و طريقته في تبيين رأيه و آراء غيره،و لكن يظل المذهب الحكائي القصصي في طرح المشكلات هو الأبرز ،و حينما رأيت كتاب (تاكسي :حواديت المشاوير) للكاتب الخميسي ،راودتني كل تلك الأفكار و رغبت في معرفة رؤية المؤلف كزبون و كضيف لسيارات الأجرة،فإذا بالكتاب يسير في النطاق نفسه و لكنه يحمل نبرات كاتبه،و في بداية الكتاب شاركنا المؤلف قلقه بخصوص اللغة التي سيستخدمها في نقل كلام سائقي التاكسي،فبالرغم من أن عددا منهم لديهم ليس فقط شهادة البكالوريوس بل أيضا شهادت عليا ،و لكنه ظل متوجسا من الجو العام لسائقي الأجرة المتعلمين منهم و الغير متعلمين ،و هو جو عتبات الشوارع ، و هذا الجو فيه البساطة و العفوية، و كذلك القسوة و الحكمة ،و قال بأنه سعى أن يرينا ما يدور في عقول سائقي سيارات الأجرة بما يقارب الواقع بقدر إستطاعته،فهو أراد إيصال أصواتهم و أصوات زبائنهم بأسلوب ينصفهم فيه ،و يدل فيه على أهمية تلك الوظيفة و المصاعب التي يواجهها أصحابها ...

أما ما تضمنته عتبات الشوارع و حكاياها ،فهو أتى في صورة متفرقات سطرها لنا الكاتب ،و كل حكاية دارت في سيارة أجرة مختلفة عن غيرها و سائقها مختلف عن غيره ،و من هنا جاءت مضامين الحكايات متنوعة لتباين أعمار سائقي الأجرة و ثقافتهم و مزاجهم و طموحهم و حتى أسباب عملهم في هذه المهنة،فهناك السائق الهادئ و الساخط،و هناك من يلوم نفسه و من يلوم غيره،و هناك من يتحسر على ما فات و من يترقب الغد،و هناك من يناقش السياسة و الإقتصاد و الدين و من لا يتكلم عنها،و هناك من يعرف ماذا يريد من الحياة و من لم يعد يكترث لها،و غيرها من التباينات ،و مع ذلك فالضحكة المصرية القريبة من القلوب مرسومة في كل الحكايات ،و طيبة تقبل ما يحصل و التعايش معه مطروحة أيضا ،فكما سيارات الأجرة تستمر في التحرك في أرجاء الشوارع فعجلات الحياة تنطلق هي الأخرى بلا توقف ،فالإستمرارية هي السمة السائدة في تلك الشوارع و كأنها لو توقفت عن الحركة يوما سيتوقف نبض الحياة فيها ...

و قد راقت لي معظم القصص التي خطها الكاتب و لكني وددت لو أن قصصا لا تخرج عن عدد أصابع اليد الواحدة تم تعديلها لإنها لم تكن قوية في مضمونها أو في نقلها، و أيضا تمنيت لو أن المؤلف جاد علينا بقلمه أكثر في سرده لقصص مؤثرة إستحقت عرضا أكبر، و إن كنت أرى بأن طبيعة القصص و طريقة نقل الكاتب لها كانت منسجمة في معظم الصفحات،فكتاب (تاكسي :حواديت المشاوير) للكاتب الخميسي،تنساق فيه مشاعر و أفكار سائقي سيارات الأجرة المتنقلة من مكان لمكان !

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق