الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق > مراجعات كتاب الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق > مراجعة يونس بن عمارة

الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق - رضوى عاشور
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الشدياق والسيدة راء وانا .

عرض لكتاب : الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق .. الرواية الأولى فى الأدب العربى الحديث لـ رضوى عاشور

الشدياق / رضوى عاشور

بعد تحميلي لكتاب رضوى الذي هو دراسة عن الشدياق وفي تمام العاشرة ليلا ودعنا نقل انه لا تمام ولا هم يحزنون لأنه لا تمام الا في امور الحق .. ورغم ان العالَم كله-بما فيه الوقت والكتاب وانا الضعيف – من امور الحق فانه لا يمكن عملياَ ان تبدا كتابا ما مع تمام ساعة ما الا بالصدفة او بالاتفاق كي لا نقول الصدفة . وهكذا فانه في العاشرة وبضع دقائق بدأتُ الكتاب ولم اتركه الا لما انتهيت منه تماما وحتى دار النشر قرات اسمها واعرفها وهي الشروق .. ولم ار كم الساعة لما انتهيت منه فلا تسالوني ولا تحسبوا هل قراءتي كانت سريعة ام لا ، والسبب في انني لم ار الوقت لأنه لم تحدث جريمة قتل .. في صباي لما كنت قارئا نهما لأغاثا كريستي كنت اؤمن ان الاجانب يهتمون للوقت وهكذا فان المحقق في روايات اغاثا كريستي لما يسال المتهم او المشتبه فيه متى خرجت ومتى دخلت كان الملعون يعرف دوما كم كان الوقت !!

وبعد قراءات متعددة لي عرفت ان جيمس جويس لا يحب الوقت و الروزنامات فارتحت لهذا والحمد لله رب العالمين لهذا نعود لكتاب رضوى .

وبداية بمقدمتها التي تشكر فيها الباحثين واصدقائها على دعمها في هذه الدراسة ، و هي المقدمة الوحيدة من كتاب ما التي استفدت منها .. من مقدمة واستفدت!! يا لحظي ، ان مثل هذه الكتب تضخ المورفين الادبي في عروقي المتعطشة وتبدأ خلايا الدم الحمراء بالتحزم و بدء مولد طربي باذخ تمد فيه الموائد .. لكن الى اين ذهبنا بحق السماء ؟؟ دعوني لأكمل لكم : وهنا نعرف ان كتب رضوى ليست كالكتب الاخرى .. و احسست بالرعب والفزع مضمخا بالأسى والحزن وقد يقول قائل اين الطرب الذي كان منذ قليل؟ ..اقول له لقد ذهب الى البعد السابع عشر كإجابة سوريالية لكن كإجابة عملية هي ان الانسان او مشاعر الانسان لا تثبت على نمط او منهج واحد فاقول انني احسستُ بالرعب و اخطأتُ اول الامر في كتابة الرعب فكتبتها عرب وكلاهما صحيح فهما مخيفان في هذا العصر اقول كي لا ننساق في تيار الوعي الذي ما ان دخله احد الا كان التيار كالثقب الاسود الذي يدخله لا يعود.. احسست برعبٍ ، رعبٍ رهيب وفراغ مخيف ان هذا الكون الجامع الذي هو رضوى قد رحل و يا للأسف .ان هذا النول الذي ينسج الحقائق قد كف عن الدوران ..

المهم الان ، ماذا الذي استفدته من المقدمة :

ان البحث/الدراسة كانت جيدة جدا واستغرقت وقتا وجهدا كبيرين واتبعت فيه رضوى

أعلى الاحترافية الادبية النقدية والاكاديمية في كتابته وهو ليس دراسة مخيفة بل دراسة مهمة وجيدة وبسيطة لكن عميقة ،بساطة تنبى عن عمق كبير حول شخصية الشدياق عبر كتابه التي تعتبره الرواية العربية الاولى .

ان الكاتب ما لم يستفد من الموروث ولم يبحث ولم يترجم ولم يكتب الدراسات غالب الامر ستكون رواياته سخيفة . / وهذا ما يحدث في عصر العرب السعيد هذا .

ان الكاتب العظيم لا يكون عظيما بنفسه فقط ..ففي اخر سطرين للمقدمة شكرت طلابها وكان احدهم دكتورا والاخر يكتب ماجستير حول سترن و الشدياق وما بينهما من الاختلاف والاتفاق وهو رائع من عنوانه ومن مشرفته طبعا السيدة راء الممجدة في كل بُعد وفي كل كونٍ ..واتمنى ان يطبع واقرأه واتمنى ان يُترجم سترن نفسه للعربية يوما ما كما تحب جوليا بطرس ان تغني .

من الكتاب خرج تنبيه (ألِرت ) اخضر يقول لي ان عليّ ان اقرأ الشدياق .. في بدايات مطالعاتي عبر النت تجنبته لكني لم اعرف السبب اصلا في تجنبه، اعرف الان انه امر نفسي ، مجرد اشمئزاز من السجع والامور السلطانية العثمانية المنحطة من عصر غابر جاهل ..هكذا كنت اظن ، ولكن رضوى اخبرتني لماذا يحدث هذا لكل المثقفين الناشئين ذلك ان شلة سيئة والتعبير من عندي فكتابتها مهذبة وجميلة جدا .. شلة سيئة على راسها شوقي ضيف واكاديميون لا فائدة من وجودهم وربما تورط عصفور ايضا واخرون قالوا لنا وكُتب ذلك في الكتب المدرسية اللعينة ان المقامات والامور المجيدة التي حدثت في السابق هي ادب انحطاط وهكذا عزفنا عنها .لكن الكاتبة رضوى المجيدة فنّدت ذلك ببساطة واريحية تبعث على الانبهار ، في نصف صفحة فقط من دراستها نقلا عن كليطو المُمجد في كل بعد حتى البعد السابع عشر . وهكذا عرفت علتي وعرفت دائي وكانت هي الطبيبة الناقدة التي شفتني فرحماك يا رب اغدق على ضريحها الرحمة والرضوان .

ومن الامور المفيدة الاخرى هي انها ردت –وبشكل اكثر من رائع – على انتقادات لويس عوض حول الشدياق ..اولاً وقبل هذا كان ترتيب الكتاب و المقدمات وعناوين الفصول تنم عن نظام بديع وذوق رفيع راقٍ وأن هذه المرأة المثقفة المتنورة المجيدة تعرف فعلا ما تقول وما تفعل وما تكتب وان كتابتها عميقة وثقافتها كبيرة جدا وهذا فعلا ما يحتاجه الناقد اما ادواتها النقدية والمنطقية والفكرية والفلسفية فشديدة العلو والارتقاء طبعا لو حذفت اسمها من الكتاب لظهر لك ان الدراسة كتبها عالم نحرير او مبدع لا يشق له غبار ببساطة لا اثر للحس الانثوي طبعا او الضعف النسائي الذي عادة ما نجده في الكتابات النسائية ..انه في النثر مثل شعر الخنساء في الشعر .. اجمع نقاد الشعر انه شعر فحل حتى لو كتبته انثى .اثنت رضوى على الشدياق انه في كتابه كان اساسا موجها لاثنين اللغة والانثى وهذا تنبيه مهم جدا ان الشدياق لم يفق الاخرين في انه كتب اول رواية عربية فقط بل انه كان قبل قاسم امين معبود الليبراليين في وقتنا الحالي ومجددا اقول سحقا لكتب التاريخ الاعتيادية وحديث المدارس .

ما اعجبني ايضا هو ان رضوى لا تؤمن بالمسلمات الادبية التي نشانا عليها مثل ما هي اول رواية عربية . وسيقول الجميع زينب وهي لم تكن كذلك هناك شبه اجماع طبعا الكثير من النقاد طرحوا كما قالت مرشحين اخرين لكن في نظرها الاسبق كان الشدياق وبقراءة كتابها ستقتنع ان كان لك حس منطقي سليم فعلا ..

الكثير من النقاد الغربيين قالوا اول الامر ان رواية سترن ( حياة تريسترام شاندي واراؤه ) عبارة عن تجريب وعبث ادبي وقال لويس عوض ان الشدياق قلده ولم يلحق شأو سترن وردت عليه طبعا رضوى بالأدلة الادببة والتاريخية وخطّأته في اكثر من عشر مواضع بالصفحة والدليل .فسقط لويس عوض من حساباتي الادبية نهائيا الى مجهول من مجاهيل الادب يلقى الكلام على عواهنه وان كان من الافضل ومن الحق ان تقرا للاثنين كي تحكم حكم القاضي الحق العدل ..لكنني لا ابغي بغير الحب حكما .. وانا مع رضوى فيما قالته ثم انا مجددا مع الشدياق ..

انني اصرح و بصدقٍ- قدر ما استطعت- اقول: ان قراءة الكتب قدر . وان بعض الكتب تمر امامنا ولا نطالعها قط و تعافها انفسنا ذلك لان شوقي ضيف قال ، ولان ذلك فُرض علينا في المدارس ودرجنا عليه وكتبنا حوله البحوث والمذكرات واستمعناه في الاذاعة ورايناه في التلفاز ، عن عصر الانحطاط اللعين وقال لنا انه لا يمكن ان يكون هذا ادبا وان الادب هو الشكل الجيد للقصة الغربية كما حَبّرها فولتير وموليير وجماعة من الفرنسيين والانجليز ، الان كما تقول رضوى خرج بورخيس وجويس وولف .. و تم -على لسان كبار نقاد العالم من بينهم كونديرا وايكو وكاليفنو- تمجيد سترن ورابليه وغيرهما .. ونحن نسينا الشدياق مع ان الشدياق ناضج نضوجا فنيا عظيما في روايته التي ندر ان يجود الزمان بمثلها مثلما قال الشدياق نفسه في بداية الرواية ، تنتمي بل تبزّ رابليه وسترن وجويس نفسه وتقاربه .

نعود لتصريحي فاقول ( انه احيانا لا يمكننا ان نقرا كتابا الا عبر مرآة مجلوة جيدا .. عبر قاريء ٍ ممتاز يوضح لنا كيف نقرأ ) .. وهذا ما حدث لي مع الساق على الساق للشدياق عبر الممجدة في كل الابعاد والاكوان المعروفة والمجهولة، المأهولة والمهجورة : الطيبة الذكر رضوى ..

الاضافات والاستطرادات في المقال كانت متعمدة لإضفاء روح الغرائبية التي تسيطر على الشدياق وعلى الكتاب النقدي ايضا الممتع لرضوى .

حزين انا وانا اكتب هذا لانه ليس مقالا يعرض لكتاب نقدي فحسب بل هو مقال انساني كُتب والزمن قريب من جرح مازال ينز دماً لفراق هذه الاديبة الكاتبة والمفكرة رضوى عاشور عليها الرحمة والرضوان .

قراءة المراجعة على مدونتي : **** (less)

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق