أوراق الورد > مراجعات كتاب أوراق الورد > مراجعة Mostafa Farahat

أوراق الورد - مصطفى صادق الرافعي
تحميل الكتاب مجّانًا

أوراق الورد

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

روحية الكلام هي وحدها التي تجعل الكتاب عالمًا من العوالم يحمل دنيا مستقلة وإن كان هو يحمل في اليد ، ولن يستطيع مؤلف أن يخلق في كتابه هذه الروحية ، بل يبثها القارئ فيما يقرأ من ذات صدره أو ذات نفسه : فلابد للمؤلف الناجح من ثلاث : نوع الكتابة ، نوع الأسلوب ، نوع القراءة ، ومتى أصاب هذه الثلاثة التأم قلبه بالكثير ، واجتمعت فصوله بالحوادث ، وتلبست كلماته بالأعمال ، ووجد من قرائه تفسيرًا لكل ما يقول فإذا هو قد ارتفعت به الحال فلم يعد كاتبًا ينتظر قراءة ، بل نبيًا ينتظر المؤمنين به ، لانه خارج من إحدى نواحي القلوب ، وراجعًا إلى القلوب من ناحية أخرى .

هناك بعض الكتب التي لا تملك حيالها أي شئ ، سوى أن تلتزم الصمت ، لأنه حينها يكون أدق أنواع التعبير، أن تعلن الاستسلام إزاء شئ لا تقدر على تقييمه أفضل من أن تخوض معركة تعلن لك عن نتيجتها قبل أن تبدأ أصلًا .

الرافعي هنا .. استطاع أن يحقق القواعد الثلاث التي تحدث عنها ، والتي لمست بأهدابها اللطيفة القلوب فأحدثت أثرًا ، وعلى قدر ما وسعت الجرح الذي نكأته الأيام فينا وضاعفت من الهوة السحيقة بيننا وبين أرواحنا ، بقدر ما قربتنا أكثر من أنفسنا ، استطاعت أن تكشف عن الجوانب الخفية من الروح ، وتبين معالم القلوب العاشقة ، وتصف حالها ، كل تلك الأشياء أتت مصبوغة بتجارب " الرافعي " التي أعلنت عن حضورها في تلك الرسائل ، فكان لا يكتب كلامًا بل كان ينقل حالة .

" الرافعي " التقط أجمل ما أفرزته العربية من كلمات ، وأعذب ما أوردته البلاغة والبيان ، ونسج لنا تلك الرسائل التي تظل طوال قرائتك أسيرًا لها ، مقيدًا بجمالها وعذوبتها ، ترى نفسك بعدها وقد طارت إلى بعيد جدًا ، إلى آخر المدى ، لتفاجئ مرة واحدة ، وهو يصفعك بجملته " والسلام عليها " .

يا رافعي !

فليهنأ القلم الذي أوتيته ، فإن كل ما كتبته على آفاق تلك اللغة سيبقى سحابة يستظل بها كل من يتحدث العربية ، ومن يتذوق حلاوة كلامك الذي يقطر حكمة يظل دائمًا في حالة جوع وتعطش كجوع الأغنياء إلى الذهب ، طبت وطابت روحك

......

وقالت ضاحكة: لا أحبّك‎

قلت: إنّ فيها " أحبّك " وهذا يكفي‎

قالت , وزادت في ضِحكها: أعني أبغضك‎

قلت: ولكنّه بُغض من تضحك كما أرى‎

قالت , وزوت من وجهها وتكلفت العبوس قليلاً: أعني‎

فابتدرتها أقول: إنّ تكلّف وجهك ينطق بأنّه لا يعني‎

فذهب بها الضحك مذهبًا ظريفًا وقالت: الآن قطع بك , فلقد كنت أريد ‏أن أقول " أعني أحبّك " فنفيتها أنت فانتفت‎

قلت: بل الآن وصل بي ... ما دمت قد قلت

" أعني أحبّك "

وأثبتّها ‏أنتِ فثبتت‎‎

.....

يا زجاجة العطر اذهبي إليها، وتعطري بمس يديها.، وكوني رسالة قلبي لديها،وها أنذا انثر القبلات على جوانبكِ فمتى لمستكِ فضعي قبلتي على بنانها، وألقيها خفية ظاهرة في مثل حنـّو نظرتها وحنانها ،وألمسـِـيها من تلك القبلات معاني أفراحها في قلبي ومعاني إشجانها ، وها أنذا أصافحكِ فمتى أخذتكِ في يدها فكوني لمسة الأشواق، وها أنذا أضمكِ إلى قلبي فمتى فتحتكِ فانثري عليها معاني العطر لمساتِ العناق .

....

سبحانك، إن الساخط على الحياة والحياة منك، ليس إلا كورقة في شجرة قد بدا لها فسخطت شجرتها وعملها ونظامها ولونها وانتزعت نفسها وهوت في التراب لتخلق أوهامها وتخرج من نفسها على ما تحب شجرة جمال ولون وثمر، فإذا هي أهون على الأرض والسماء من أن تكون إلا ورقة يابسة قد هلكت حمقاً وأرفتت رغماً .

....

فإن كل لذة الحب، وإن أروع ما في سحره، أنه لا يدعنا نحيا فيما حولنا من العالم، بل في شخص جميل ليس فيه إلا معاني أنفسنا ‏الجميلة وحدها، ومن ثم يصلنا العشق من جمال الحبيب بجمال الكون، وينشئ لنا في هذا العمر الإنساني المحدود ساعات إلهية خالدة، ‏تشعر المحب أن في نفسه القوة المالئة هذا الكون على سعته

.....

يا من خصني بهذا القلب العاشق الذي يتألم ويضطرب حتى عندما ألمس كتاباً أعرف أن فيه قصة حب وهو مع ذلك يتكبر على كل آلامه ولا يخضع أبداً إلا جواباً على خضوع آخر فكأنه لا يدنيني ممن أحبهم إلا لأعرف ما أكرهه فيهم، وهو من فرط رقته آلة إحساس جامدة لا قلب حي

.....

“كنت أرى أن الحب هو الطريقة التي يعثر بها الإنسان على روحه وهو مغشى بماديته، فيكون كأنه في الخلد وهو بعد في الدنيا وأكدارها، فأصبحت أرى الحب كأنه طريقة يفقد بها الإنسان روحه قبل الموت، فيعود كأنه ضارب غمرة من الجحيم وهو قار في نسيم الدني

أنت لم تكن تهتم بي و أنا لم أكن أهتم بك

و لكن علام تشلّ أوصال روحي للدنوّ من مكان حللته؟

و علام اضطرابك و ارتعاش يديك إذ تلمح خيالي عن بعد؟

أنت لم تكن تنظر إليّ، وأنا لم أكن أنظر إليك

و لكن لماذا كانت تتبلبل خواطري، و أهرب عند قدومك؟

و أنت إن لم تستطع السكوت فلماذا يخرج صوتك متقطعاً متهدّجاً كأنك تجاهد لتقهر تأثراً ما؟

أنت لم تكن تعبأ بوجودي، و أنا لم أكن أعبأ بوجودك

و لكن لماذا كنت أخاشنك متعمدة الإعراض و عدم الانتباه؟

لماذا وأنت مثال الوداعة و التهذيب، كنت تكفهّر لحضوري و تنقبض كمن يودّ أن يتجنى عليّ أو كمن يخشى أن يرمي بالبشاشة والمجاملة،

ثم يعود نظرك في المرة التالية يستصفحني عن زلته؟

أنا التي كنت أغتفر لك وأتناسى قبل أن تحدث نفسك بالإستغفار!

أنت لم تكن تفكر فيّ، و أنا لم أكن أفكر فيك

و لكن لماذا كنتُ أحيد عن طريقك لئلا ألتقي بك، و أنا التي أودّ أن أبحث عنك في كل مكان؟

و لماذا كنتَ تتقن خطواتك إذ تعلم أني أراقبها؟ و تنغّم نبرات صوتك و تنوّعها إذ تعلم أنها واصلة إليّ؟

أنت لم تكن لي شيئًا، و أنا لم أكن لك شيئًا

و لكن وجوه القائمين حولك كنت أراها متألقة بنورك، و أنتَ كانت تدهشك كل حركة مني كأنها لم يأتها قبلي إنسان

....

كلما ابتعدتُ في صدِّها خطوتين رجع إليَّ صوابي خطوة

...

ما أعجب رحمة الله ، فبينا هموم الإنسان في موضع هي أشد اندماجًا من الحديد ، إذا هي في موضع آخر أسرع ذوبانًا من الملح المبتل ، كأن مكانًا يلبس أنفسنا ومكانًا يخلع عنها ، أو كأن الأرض بتباين أمكنتها وبقاعها تقابل الأقدار في اختلاف عللها وتصاريفها ، حتى يكون السفر من بلد إلى بلد أحيانًا أهون من قدر إلى قدر .

....

من مس الطيب علق به، شاء أم أبى، وكذلك هي

....

ليس كل قليل هو قليلاً

ولا كل كثير هو الكثير

فقياس الأشياء بين الأصدقاء لا يكون في الأشياء ذاتها

بل في صلة الإحساس التي تكون في أنفسهم

لأنها إنما تقدر بمقادير الشعور لا بمقادير المادة

....

ومن ظن (بصرفنا )عن نفسه أنه كبير ،

جعلناه من (نحونا ) في باب التصغير ، ومثلنا لا يتكلم بلا بفائدة ، ولا يسكت إلا

بفائدة فإن أخطأنا معك في واحدة أصلحنا واحدة

....

أريدها لا تعرفني ولا أعرفها، لا من شيء إلاّ لأنّها تعرفني وأعرفها

تتكلّم ساكتة وأردّ عليها بسكوتي. صمت ضائع كالعبث ولكن له في القلبين عمل كلام طويل

....

هذه العربية من أوسع لغات الدنيا فيما خصت به المرأة، وما أوقعته على صفاتها، وما أقامته على العاطفة إليها، وما حفلت به من ألفاظ معانيها، حتى لو أمكن أن ترسل لغات الأمم ألفاظها تستبق في المعاني النسائية، لما كان السبق إلا للألفاظ العربية ولا أوفى على الغاية إلا المعجم العربي وحده

....

ويامن خصني بهذا القلب العاشق الذي يتألم ويضطرب حتى عندما ألمس كتابا أعرف

ان فيه قصة حب وهو مع ذلك يتكبر على كل آلامه ولا يخضع أبدا إلا جوابا على

خضوع آخر فكأنه لا يدنيني ممن أحبهم إلا لأعرف ما أكرهه فيهم ، وهو من فرط رقته

آلة إحساس جامدة لا قلب حي..!

ويامن جعل هذا القلب فيَّ كجناح الطائر لا يطير ولا يرتفع ولا يسمو ولا يتقاذف إلا إذا

نشر هو جناحه الآخر فلا ابحث عن الحب لأجد الحبيبة وجمالها وحبها ، بل قوتي

وسموي وكبريائي

يا إلهي :تقدست وتباركن، إني لا أنكر حكمة آلامي فما أنا إلا كالنجم :إن يسخط

فليسخط ما شاء إلا ظلمة ليله التي تشب لونه وتجلوه ولولاها لما أ رت العين شعاعة

تلمع

...

ألا ما أشأم الساعة التي تعارض فيها كلمة قلب كلمة قلب آخر يحبه

Facebook Twitter Link .
19 يوافقون
5 تعليقات