فيض الخاطر - الجزء الثالث > اقتباسات من كتاب فيض الخاطر - الجزء الثالث > اقتباس

إن الأدب العربي في جملته نوعان: نوع غير صالح لحياتنا الواقعية التي نحياها الآن، ولا يتفق مع مثلنا الأعلى الذي ننشده في هذا الزمان، وهذا يجب أن يوضع في متحف، كالآثار القديمة، يعنى به الخاصة وحدهم ومؤرخو الأدب فقط، ونوع صالح لزماننا ومثلنا، وهذا وحده هو الذي نسلمه لنشئنا، ونصوغ منه أمانينا، ويستشهد به أبناؤنا، ويحفظ منه جيلنا.إنَّا بعرضنا كل الأدب العربي على الناشئين بغثه وسمينه وصحيحه وفاسده — من غير «تقليم» — نضع في أذهانهم صورًا مختلفة متناقضة لمثل مختلفة يضرب بعضها وجه بعض، ولا نكون لهم مثلًا أعلى منسجمًا، فتكون النتيجة بلبلة الأفكار، وحيرة الأذهان واضطراب الناشئ يمينًا ويسارًا، وأمامًا وخلفًا، وفي هذا ضرر بَيِّنٌ على عقله وعواطفه.

ما بالنا في فروع العلم المختلفة نعلمه ما أثبت العلم صحته في الطبيعة والكيمياء والرياضة والجغرافية وعلم الأحياء، ولا نعلمه بجانبه ما أثبت العلم فساده من سطحية الأرض، ودوران الشمس حولها، وخلق الحي من غير الحي ونحوها، ثم لا نفعل ذلك في الأدب، فنعلمه ما صح وما فسد، وما يبعث عواطف مريضة بجانب ما يبعث عواطف صحيحة؟!

لا بد أن يكون لنا منهج واحد وأسلوب واحد في هذا وذاك، وإلا كنا نزن بميزانين ونكيل بكيلين.

هذا الاقتباس من كتاب