يسمعون حسيسها > مراجعات رواية يسمعون حسيسها > مراجعة هدى أبو الشامات

يسمعون حسيسها - أيمن العتوم
تحميل الكتاب

يسمعون حسيسها

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

ما كنت لأظن أني قادرة على إكمال هذا الكتاب بفترة زمنية مثل بقية الكتب المعهودة بهذا الحجم.. ذاك أن الحجم الحقيقي هو حجم الفجيعة التي اختنقت بها السطور!

كيف أكمل كتاباً كل صفحتين منه تبكيني؟! تحطِّم رباطة جأشي وتترك كلّ ما فيّ في ضياع وألم.

أهرب! أحاول ترتيب مشاعري في محلّها وتنفس هواء جديد وأتقدم لأقرأ صفحة جديدة أجد فيها من الألم ما يصعق، فينحطم كل ما حاولت ترميمه، يصبح منظر غلاف الكتاب لوحده يثير غددي الدمعية للبكاء المرير، تصبح يدي في ألم فظيع للمسه وكأنما أعذّب بالكهرباء بملامسته، ويصبح العقل عاجزاً عن الإدراك ..

لا أذكر أن تفاصيل كتاب سكنتني كهذا، ولا سطور كتاب بدأت تصطف على جبيني سوى هذا، ولا كتاباً سكن خلجات قلبي سوى هذا، فأبدأ بعدم السيطرة على ذاتي، يعلو صوت أنفاسي، يضطرب قلبي، يقشعر بدني، يختنق صوتي، تنكمش معدتي، ثم أدخل في غيبوبة من بكاء!

شهقت كثيراً لتفاصيل ربما قد سمعناها أو قرأنا عنها، ولكن للكاتب قدرة عجيبة في السرد، وكنت أشيح بناظري عن الكتاب وكأنني كنت أدرأ مشهد التعذيب الحقيقي عن عيوني.. كل تلك التفاصيل التي يجثم فيها الموت على صدرك تتراءى أمام عينيك، تتلمسها من خلال تلك السطور التي كان كل منها سياطاً يأكل الأصابع! فأبدأ أصرخ في داخلي صراخاً طويلاً.. فأترك الكتاب وأبتعد، وكأنني أدفع عن نفسي قسطاً من حفلة التعذيب!

قرأت العديد من كتب أدب السجون، خاصة تلك التي تحكي قصة سجن تدمر، ذاك المكان الخارج عن الخريطة، وكأنه في كون بعيد عن أي وجود بشري، لا يسكنه إلا الوحوش..

وصف الكاتب كان خيالياً، كان متمكِّناً إلى حد لا يوصف! لمسني هذا الكتاب الذي كتب فيه الكاتب قصة صديقه أكثر من الكتب التي كتبها أصحابها فعلاً! وكأنه هو من عانى وقاسى، ورأى بعينيه وشعر بقلبه.. كانت تلك الصفحات التي تتحدّث عن الهواجس والأفكار والتخيلات والمشاعر لوحدها مؤثرة إلى حد الوجع! وكأنها نوع آخر من قصص التعذيب، يصبح ليس جلدك الذي يسلخ في هذه الرواية، بل إن عقلك ليجن، وعينيك ستبكي عن دهر! .. ولذلك وجدته مميزاً .. بين الاحترام للإنسان الذي يقرأ فالشتائم ليست معروضة بشكل كامل، وبين دخول مشاعره عن طريق فتح قلب السجين لهذيانه وخلجاته، وسرد وقائع التعذيب، ووجوه الشخصيات، وتصرفاتها، تشعر وكأنك معهم، ترقب من بعيد فقط ..

لم أختم هذا الكتاب إلا وانا في نحيب مرير، وأدعو الله أن يمنّ بالفرج القريب لكلّ من ضاع من أبناء وطني في غياهب الظلمات تلك .. ما لها إلا الله .. ما لها إلا الله ...

Facebook Twitter Link .
11 يوافقون
6 تعليقات