عائد إلى حيفا > مراجعات رواية عائد إلى حيفا > مراجعة Mostafa Shalaby

عائد إلى حيفا - غسان كنفاني
تحميل الكتاب

عائد إلى حيفا

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

انها الصدمة .. نعم صدمة .. بل عدة صدمات متتالية كتلك التي يصعق الطبيب بها صدر مريضه املا أن يعيد قلبه للحياة .. ما كل هذا الالم !! وما كل هذه القسوة .. كم كنت بريئا قبل أن أقرأه .. بل كم كنت جاهلا تافهاً وأحمقاً .. لم تكن معرفتي بالقضية الا مجرد وهم .. نعم وهمٌ أظنه قضية .. المضحك فعلا انه كان يعلم ذلك ويرمي لك الطعم فتلتقطه بكل سذاجة .. انه الحديث اذاً عن الوطن .. اذ يشرح لك حنين البطل لمدينته ومنزله .. وها هو يستدرجك اكثر فاكثر فيصف لك لون البيت والدرجة المكسورة وريش الطاووس واسماء الشوارع وما الى ذلك .. وتسترسل معه كالساذج .. " نعم انه وطنه الذي فقده .. كم لتلك الاشياء من ذكريات جميلة وحزينة في نفس الوقت " ثم وانت في قمة غثيانك يعطيك الصاعقة فالأخرى فالتي تليها .. ليس يا بني ذلك بالوطن .. بل على العكس تماماً قد كتبت هذا الكتب لأخبرك بالذات أن هذا الذي وصل الى فهمك هو أدنى وأحقر معاني الوطن .. ما وصل الى فهمك .. هذا ما يظنه الجبناء خائري العزم .. هذا البكاء على الأطلال لا يعد وطنا أبداً

كانت أولى الصدمات التي تعرضت لها هي فقدانه لابنه .. تألمت جداً لذلك اذ ظننت أنه مات في البداية .. وياليت ظني كان صحيحاً .. فقد كان الواقع أكثر ايلاماً بكثير .. ثم الصدمة الاخرى وهي شرحه للطريقة التي أخرج بها الأهل من وطنهم وكيف قام اليهود باستيطان المكان .. ويالها من صدمة .. يهودي يأتي من أقصى العالم ليخرجني من أرضي بمباركة أخر يأتي من أخر العالم أيضا ثم يسكنها ويأتي بابني فيربيه ويعلمه التوراة .. وماذا ؟؟ صدمة أخرى ؟؟ نعم .. وجندي في قوات الاحتلال.. لماذا كل هذا .. هذه أرضي أنا .. وهذا ابني أنا .. أي جنون هذا !! .. ولكن مهلا مهلا .. لم يكن ذلك كله غريبا علي .. كنت أعلم ذلك مسبقا والا كيف وصلنا لحالنا اليوم .. ولكن ليست النائحة كالثكلى .. وليس من يعلم كمن رأى .. عبقرية كنفاني أنه استطاع أن يجعلني أعيش هذه المواقف وأشعر بذلك الألم .. الرؤية الان مختلفة تماما ًً

ثم الصدمة الكبرى .. درة الصدمات في هذا العمل .. اللقاء المرتقب بين الأب العربي والابن اليهودي .. ياله من موقف معقد ملتبس لا اعلم كيف اتعاطف مع من ولماذا ؟!! ولكن تأتي في النهاية جملة "الانسان في النهاية قضية " .. نعم .. صحيح .. ولا بد أن تأتي على لسان اليهودي أيضاً .. فالواقع المرير أنه يعلم معنى القضيةأكثر منّا ... اخلاصهم لقضيتهم الظالمة أفضل من اخلاصنا لقضيتنا الواجبة .. يا للأسف .. هذا حقيقي .. نحن نعيشه حتى اليوم .. اذاً تعلَّمنا يا صفية من هذا اليهودي أن ما يطالب به خالد كان صحيحا .. فهِم خالد ذلك بالرغم من عوده الاخضر وقلة خبرته .. ولم نفهمه نحن بالرغم من كل ما مر بنا .. ليس الوطن اذا هو تلك الذكريات الرخيصة .. الوطن هو المستقبل هو الكرامة .. ان كنت لا تستطيع الدفاع عن ابنك ووطنك .. فانت لا تستحقهما اذاً .. ثم يأتي أروع ما كتب كنفاني على الاطلاق " هل تعلمين ما هو الوطن يا صفية .. الوطن هو ألا يحدث ذلك كله " لو لم يكتب غسان غيرها في عمره لكفته .. فعلا الوطن الا يحدث ذلك كله .. ويمكنك أن تضع تحت " كله " قوسا وتضع داخله ما شئت من مصائب وألا تغلق القوس فلا زالت المصائب تتوالى على رؤوسنا كل يوم .. يمكنك غلق القوس اذا حينما تنتهي القضية

كانت النهاية حزينة حقا ولكن منطقية جدا .. اذ لو انها كانت غير ذلك لانتقض العمل باكمله .. لم تحل القضية بعد ولذلك لن يعود خلدون اليوم .. هذه قضية حلها الحرب وليس الحنين الى الدم وليس الدموع ايضاً

آلمتَني كثيرا يا غسان ولكني أشكرك فعلاً

Facebook Twitter Link .
6 يوافقون
2 تعليقات