يا صاحبي السجن > مراجعات رواية يا صاحبي السجن > مراجعة جواد شلبي

يا صاحبي السجن - أيمن العتوم
تحميل الكتاب

يا صاحبي السجن

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

سأتخطّى في هذا التقييم حاجز المراجعة إلى أُفق آخر يتحدث عن أشياء آخرى وجدتني أتفيء ظلالها، فكلّما تقدّم الكاتب الشاعر د.أيمن العتوم إلى الأمام يسرد حكايته كنتُ أنا الآخر أتقدّم إلى الخلف أستذكر ماضيَّ القديم، لقد أعادتني حكايتك أيّها العتوم إلى حكايتي، وإن اختلفت أسماء الأوطان أو السجون أو التفاصيل الصغيرة فلن تختلف المواقف ولا المعاني ولا حتى المشاعر، فالألم الخانق والوجع القاتل والحنين الحارق والشوق الكابد كلّها تظل تحت إطار واحد، وكذلك الأمر بالنسبة للهدف الواضح والثبات الراسخ والأمل البارق فالنصر الواعد.

استعجبتُ منك عندما سألتَ نفسك : "أتراني أنجح؟ أتراني أخفق؟ ليس مهماً فيكفيني أنّني حاولت!" فكيف لمن يستهلّ كتابه بخلاصة حياة لا يصل إليها إلا حكيم ( وذلك في : "أنّ الفضاءات المطلقة تبدأ من الجحور الضيقة" ) أن يقول مثل قولك؟

كنتُ كلّما أتقدم في حكايتك وأعود في حكايتي أعيد تكرار ذلك السؤال الذي بدأتَ فيه أوّل صفحاتك : " لمن تروى؟ ولماذا؟ وهل من ...؟" فيا ترى ما الذي يجبرني على الاستمرار في شيء يحزّ روحي ويُنزِفها؟ ألم يكفني أن أعيش تلك الأيام؟ فلمَ التذكر والغوص فيه إذن؟!

"تفعل الذكرى بالنفس من الأسى ما لا تفعله السكين في الجسد من الألم" فكيف إن كانت الذكرى إثنتين؟ واحدة في سجون بني يهود وأخرى في سجون بني من تنكّروا لأصلهم! فكلّما هربت من ذكريات أحدهما وجدتُني في ذكريات الآخر، وإن استجمعت قواي وكنتُ كما كنتَ "سُلّماٌ من ضياء، ورمحاً من حق، وحديقة من أمل" وجدتُني واقعاً في بئرك أنت الذي بين يديّ! فتصبح الذكرى عندي ثلاثاً!

مثلُك استعرضتُ شريط الذكريات من لحظة الاعتقال وصدمتها فالتفتيش وآهاته فوداع الأهل وأوجاعه فالزنزانة الأولى وجدارها وما عليه من كتابات السابقين مروراً بالحرمان من كل شيء حتى الشمس والنوافذ فالمحكمة الأولى فالانتقال إلى الأقسام وما يتبعها من وجوه وزيارات وكتب وحكايات وصولاً إلى النطق بالحكم وحتى الإفراج وما تخلل بين كل ذلك من أسماء وأحداث ستظلّ خالدة ...

ليس لمثلي أن ينتقدك، بيد أنّي أودّ أن أستفسر عن شيء لم أفهمه لا في هذه الرواية ولا في أُختها "يسمعون حسيسها" ولم أقرأ غيرهما لك بعد، ألا وهو الخاتمة السريعة التي لا تؤدي أهم شيء يمر على الأسير أو المعتقل حقّه بالتمام، الشيء الذي سُجن من أجله وفي سبيله، الحرية أعني، فلم لا أراك تستفيض فيها وفي لحظاتها مثل غيرها؟!

في الختام لا يسعني إلا أن أنحنيَ فخراً لكلماتك التي انحنى لها عدوّك ذُلّاً، ومن ثمّ فأُقبّل رأسك أيّها البطل وأقول لك ما قلته لنا : واقبض على الجمر إنّ القابضين على جمر البلاد أضاؤوا عزّة الأُمم، أدامك الله نبراساً نابضاً لهذه الأُمّة ..

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق