زمكان > مراجعات رواية زمكان > مراجعة سماح ضيف الله المزين

زمكان - ثروت الخرباوي
أبلغوني عند توفره

زمكان

تأليف (تأليف) 4.4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

زمكان

كنت قد قرأت زمكان قبل شهور، بعد دعوة من ملتقانا الأدبي لمناقشتها في إحدى جلسات الصالون الإبداعي، ولم يخطر ببالي أن أكتب عنها بالرغم من رغبتي الكاملة بذلك، لأن الرواية متميزة جداً، لكن وفي الحقيقة أنني تحفزت للكتابة عنها حينما لجأت إليّ إحدى طالبات اللغة العربية لأقترح عليها بعض عناوين الروايات العربية التي تناسب وظيفة نقدية في برنامجها الدراسي، وكان (زمكان) واحداً من العناوين الأولى التي طرحتها عليها.

استفزني تعليقها حين قالت: إن الرواية رائعة لكنني لن أتناولها بالبحث لأنني أشعر أن الكاتب يهاجم الإخوان، وحماس في هذه الرواية. وبغض النظر عن موقفها غير الموضوعي والغريب جداً على باحثة حريٌّ بها أن تتوخى الموضوعية والعدل في مَهمَّتها تلك، فقد شعرت بأنها - ودون أن تدري طبعاً - ألصقت بهم تهمة أو وصف تجار الدين الذين أشار إليهم الراوي.

الغريب في أمر هذه الرواية، أنها لا تشبه - لا من قريب ولا من بعيد - رواية ماركيز (مائة عام من العزلة) لكنني وبالرغم من أنني أحببت رواية زمكان جداً، بينما لم أحب أعوام العزلة أبداً، طول فترة قراءتي لـ(زمكان) كانت تذكرني بها لسبب أجهله.

لغة الخرباوي عالية وأنيقة إلى حد أدهشني، ومصطلحاته منتقاة بعناية ومحددة جداً تناسب - بالضبط - مقاس الحدث والموقع الإيحائي والتعبيري، كما لفت انتباهي بقدرته الواضحة على التنقل بين الأحداث والأماكن بطريقة غريبة توحد الزمان بالمكان دون إحداث جلبة أو "شوشرة"، أو لعل الأكثر مناسبة هو أن أقول: إنه برع فعلا في الانزلاق من الماء إلى اليابسة أو الارتفاع بالعكس، دون أن يستطيع أحد الإثبات أو الانتباه إلى أنه فعل ذلك، أو حتى في مزج الزيت بالسكر ليصنع شيئا ثالثاً قد يظهر أن لا علاقة له بالمكونين الأساسيين، بينما تبقى الأسرار والمفاتيح في جيبه وحده.

قوة لغة وأسلوب الرواية جعلاني حذرة جداً في الكتابة عنها، فقليل من ملح السبك في نص الرواية، يكفي لمحو آلاف الكتب التي صدرت مؤخرا لأنصاف أو حتى أشباه الكُتّاب، الذين بكل أسف أشعر أنهم يشبهون الأسطورة الكرتونية: "فُرْقُعْ لوز" في جذب الكاميرا، وتضخيم الرأي العام حول هراء، مجرد هراء تدفعهم أموالهم التي لا يعرفون أين وكيف يصرفونها إلى وضعها في مشروع كتابي، أعتذر للكتابة وأستغفرها ألف مرة، لأنني أصف هراءهم بالكتابة!

ومن الواضح جداً: خبرة الكاتب وعمق تجاربه وثقافته التي أفادتني شخصياً، وسأعترف بأنني أحب الروايات من هذا النوع، وأعني تلك التي تشعر بأنها جميعها محشوة بالأحداث، لا تكدّس الارتعاشات والارتجافات والدموع والمشاعر في آخر مشهد وآخر صفحة أو آخر فصل منها حتى، فترغمك على أن تجاهد في قراءتها فلا أنت مستفيد ولا أنت مندمج عاطفياً وحسياً معها.

أما موضوعها الغريب وغير الغريب، والذي لا يختلف اثنان في كونه حقيقياً، فهو جزء من الواقع، في عصر الاستعراض بالقدرات الخارقة في استصدار الأحكام والفتاوى، وتبرير الأهواء. وعصر المشائخ الاستعراضيين الذين يجيدون التزين للكاميرات أكثر مما يجيدون فقه الواقع وفقه الرسالة بمراحل.

زمكان رواية منطقية تزيل الحواجز القائمة بين الشيء وضده، تمزج الحياة بالموت والواقع بالحلم وتجعل القارئ يهيم بينهما دون أن يدري، هذا في حقيقة الأمر ما شعرته طوال وقت قراءتها لدرجة أنني صدقت الكثير من خيالها، الكثير من شطحات الراوي.

أخيراً...

أشعر بالخجل أمام هذه الرواية لأنني – كطفلة سعيدة بالحلوى - أريد بشدة أن أصفق لكاتبها وأشكره.

غزة

في | 15 / تشرين الثاني / 2014م

Facebook Twitter Link .
6 يوافقون
2 تعليقات