لو أعددت يوماً قائمة بأكثر الكتب التي تسببت لي بصدمة إيجابية لكان هذا الكتاب على رأس تلك القائمة.
و لو أعددت قائمة بأكثر الكتب التي وجدت فيها إجابات عقلية مقنعة لأكثر التساؤلات غامضة الجواب التي حملتها معي طيلة حياتي لكان هذا الكتاب على رأس تلك القائمة.
و لربما لو جائني أحد قبل قراءة هذا الكتاب و ناقشني في بعض الأمور الواردة به لربّما كنت سأنهي نقاشي معه بعد أن يتحول إلى جدال رافض لكل ما يقوله.
الدكتور محمد شحرور انطلق من فكرة أنّ معظم مشاكلنا في نظرتنا لدين الإسلام ناتجة عن الإرث الثقيل العابر للقرون و الناتج عن أشخاص مميزين جداً في عصرهم و من هنا و جراء التناقضات المحمولة و العابرة للقرون انطلق من فكرة أنّ الكتاب و القرآن فيه جميع ما نبحث عنه و لا ينقصنا عن ذلك سوى قرائته بلغة العصر.
و كما أنّ لكل دارس و باحث منهجية يعتمدها و يؤسس كتابه عليها فقد كانت منهجية الدكتور شحرور مميزة و جديرة بالقراءة فهي ترتكز على ثوابت منها أنّه لا وجود للترادف في القرآن و لكل كلمة معناها الخاص و المستقل و الذي تناله أحيانا من سياقها في الأية أو في الأيات المتتاليات. فعلي سبيل المثال كلمتي (الأب) و (الوالد) ليستا كلمتين تحملان المعنى نفسه فالوالد هو الوالد البيولوجي أي صاحب النطفة و الوالدة هي صاحبة البويضة, أما الأب و الأم فهما من يرعيان الطفل و هنا قد يكون الأب هو الوالد و قد لا يكون كذلك.
اتبع في ذلك جمع جميع الأيات التي ورد فيها ذكر كلمتي (الأب) و (الوالد) عند المقارنة في المعاني ستجد المعنى بفصح عن نفسه بوضوح و هنا تأتيك الصدمة من فهمك المتراكم في رأسك و الذي يتم هدمه في لحظة واحدة.
كذا الأمر بالنسبة لجميع الكلمات مثل (آتى, جاء) و مع حمل كل كلمة لمعناها استطاع الدكتور شحرور استنباط الكثير من المعاني الجديدة المنطقية ...
لست بصدد شرح منهجيته فهي واضحة في بداية كتابه, و لست بصدد ذكر الكم الكبير من إثارة الجدل الذي نتج عن الرافضين و بشكل مطلق لإنتاج الدكتور شحرور و لكنني أريد القول أن دينا يخشى على عقول شبابه من كتاب واحد ليس بالدين الذي يستأهل أن يكون ديناً سماوياً
لقد زاد اعتزازي بدين الإسلام بعد قراءة هذا الكتاب و خاصة بعد أن فهمت الكثير من الأمور التي شاكت علي طيلة حياتي مثل مواضيع الموت و الرزق و مسألة التخيير أو التسيير فقد أضحت بالنسبة لي مفهومة سلسة و لست معها بحاجة إلى التخريجات التي كنت أخرجها لها كي تبدو منطقية في السابق.
كتاب يستحق القراءة و تلك النجمات الخمس التي وضعتها على تقييم الكتاب هي كذل حتى تاريخ وضع هذه المراجعة البسيطة.