الرواية المستحيلة - فسيفساء دمشقية > مراجعات رواية الرواية المستحيلة - فسيفساء دمشقية > مراجعة هدى أبو الشامات

الرواية المستحيلة - فسيفساء دمشقية - غادة السمان
أبلغوني عند توفره

الرواية المستحيلة - فسيفساء دمشقية

تأليف (تأليف) 4.3
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

مشاعري متضاربة بعد هذه الرواية، أشعر كأني عصفور يلاطم جناحيه ولا يقدر على الطيران وهو يتأمل الفضاءات الواسعة ونتف الغيوم البيضاء الناصعة، أشعر برغبة ملحة في البكاء يشوبه ذاك الرضا السري الذي يتخلل الروح في حالة صمت ذاهلة، وأحس بتوقف قلبي في تلك الليحظات الغير الملحوظة بعد كل دقة عنيفة متسارعة، هذه الرواية وهبتني أحاسيسي الميتة ثانية، وأعطتني فرصة لتجربة الحياة في دمشق ثانية!!

هي سفر إلى دمشق بلا تذكرة، تدخل فيها كأنك الطائرة بذاتها، وتحط على كل القباب والأسطح والمآذن كعصفور خفيف، لا تدخل دمشق الحلم حقاً، تدخل دمشق القديمة في آخر مراحل الاستعمار الفرنسي إلى مرحلة الانقلابات العسكرية اللاحقة، وتلك الصور الياسمينية الجميلة البيضاء مع كل ذاك اﻷسى الذي يجره ظلام الجهل المرير، المغلّف باتباع التقاليد دون تفكير، البنت عورة، أفكارها عورة، وجودها عورة، فلتغلفها كقطرميز المكدوس في العليّة!

صراع الذات المتضارب بين العقل والتقاليد، وألم الفقد ورغبة اكتشاف العالم بعيونها لا بعيون عمتها وعائلتها، هو صراع تعايشه الكثيرات من بنات دمشق رغم تفاوت الوضع، ولكن وإن يضمحل المستنقع فيبقى فيه بعض الجراثيم!

هي الرغبة الكينونة "أنا" وليس هم، هي رغبة ارتدائي لوجهي لا لوجوههم، هي رغبة الطيران في مجتمع يقص اﻷجنحة..

هي كلام أنثى في وقت كان في كلامها محرّم، والطلقات في ظهرها هي في أرواحنا، أو .. هي الفداء الذي تلقته لتعيش بنات اليوم ببعض الحرية ..

تكتب غادة ذاك بتداخل وجوه الشخصيات، بإحساس فريد، ولغة بسيطة يتخللها الكثير من المفردات العامية التي تعطي الرواية وجهها الدمشقي بامتياز!

في نهاية القصة تتجسد التفاصيل الصغيرة التي تملأ صفحات الرواية الطويلة .. وتشعر أنها ذكراك وكأنك تعايش الشخصية حقاً، تكتشف هنا قدرة غادة على إلباسك الشخصية وإحساسك بها بتفاصيلها وشؤونها الصغيرة جداً، رغم ما استفزني صمتها في كثير من مواقف حياتها .. أمن المفترض أن تضم جرحك وسرك وتصمت إلى هذا الحد؟

لا أقول أنها الرواية الأعظم، ولكن تفاصيلها تعيش في داخلك، وليست كل قيمها صحيحة! ولكن دمشق فيها جلية .. دمشق فيها تنبض! وليست لغتها اﻷرفع وليست جملها اﻷكثر رونقة وليست مصصلحاتها اﻷبهر .. ولكن اﻹحساس فيها جلي يتخللك إلى أدق ناحية من الشعور ..

إنها كما اختصرتها غادة .. "فسيفساء دمشقية" !

Facebook Twitter Link .
8 يوافقون
اضف تعليق