الطنطورية > مراجعات رواية الطنطورية > مراجعة بشائر حداد

الطنطورية - رضوى عاشور
تحميل الكتاب

الطنطورية

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

قبل فترة حين قرأت الطنطورية للجميلة رضوى عاشور , لم أعرف ما كان شعوري تحديدا , الطنطورية بلا شك كانت كتابا غير حياتي , تفكيري , وحتى معتقداتي ,وهنا أفكر ,أقول في نفسي أن رضوى وصلت مرحلة ما فوق النجاح , بأن غيرت من خلال كتاباتها انسان كامل ,روح كاملة .

قبل سنة طلب مني أبي أن أِشتري له الكتاب كي يقرأه , حين إشتريته وانتهى أبي من قرائته , وضعته على رف مكتبتي , قلت في عقلي مستحيل أن أقرأ هذا الكتاب يوما , لا أدري لم نفرت منه يومها , ربما من شكله الخارجي , يوحي بأنه كبير جدا وممل , قبل أسابيع ذهبت الى المكتبة رايت الكتاب ابتسمت استعرته وقلت سأقرأ هذا الكتاب , مع أنه على رفنا نسخة منه , لكني أردت أن أقرأ الذي في المكتبة ,لأنه ربما ظل قليلا من اعتقادي بأن الكتاب الذي على الرف ممل , كانه غير الكتاب الذي استعرته من المكتبة ! : )

معظمنا يعرف ماذا حصل جراء النكبة التي حصلت عام 1948 , نعرف كم مدينة وقرية فلسطينية سقطت , ونعرف كيف سلبوهم منا وأصبحوا تحت ملكية الكيان الاسرائيليّ المريض , فمثلا لا يستطيع أحد الان الذهاب الى حيفا مثلا او عكا إلا بتصريح , ويلزمنا حين نذهب للقدس تصريح وتفتيش و(مية قصة وقصة ! ) لكن مر على تلك النكبة ما يقارب 68 عاما , كلنا حزاني بالطبع على نتائج هذه النكبة , لكن بالطبع ليس ذات الحزن الذي شعروا به أهل المدن التي سقطت , ليس ذات الشعور بالحزن والمر والقهر الذي شعروا به من حضروا النكبة ,من كانوا قبل النكبة أصحاب هذه المدن وسكانها وكل ما فيها , ورضوى جعلتني أشعر ذات شعورهم , كأنها جعلتني هناك في الطنطورة , كأنها مدينتي , وشاهدت أمام عيني كيف سقطت ,, كيف هجرت منها , كيف أصبح بحرها الذي كنت أداعب امواجه ويداعب أطراف ثوبي المبلل قبل قليل ليس لي , , رضوى عادت بي الى الزمن الماضي , الى زمن ال48 , زمن النكبة والحزن , و,,الوجع ,,

رأيت كيف سقطت المدن أمامي . لا ادري لم بكيت أحسست حينها وأنا أقرا انه كيف ,, كيف ضاعت مدن فلسطين هكذا ؟ أما من يد ضخمة كانت لتقف أمام كل هذا ؟ كيف تسربت قبضة الاحتلال وسرقت البيوت وعلقت سلاسل المفاتيح على أعناق النساء الفلسطينيات , السلاسل التي بقيت هناك على أعناق العجائز والنساء على أمل العودة يوما ما . كيف ضاعت منا فلسطين ؟ كأنها ماذا ؟ نعم كأنها سراب , كطيف ساهم وسط سماؤنا الحالكة ضاعت ,رغم أننا قاومنا كثيرا , بكينا كثيرا , وخسرنا أماكن وبيوت وأروااح كثيرة ,,

أسأل نفسي الان , لو ذهبت إلى الطنطورة ماذا ستكون ردة فعلي ؟ سأبكي ؟ سأبحث بين البيوت عن بيت أهل رقية ؟ سأظل واقفة على شاطئ بحر الطنطورة منتظرة شابا عاري الصدر وقطرات المياه التي على كتفه تلمع , اسمه يحيى ؟ ربما , لا أدري , لكن المؤكد أنني سأستحضر جميع الشخصيات , سأرى رقية ذات الثالثة عشر وهي تجري خجلة بعدما رأت ذلك الشاب الذي خرج من البحر مبللا , سأرى أمها وهي تتوجس على باب البيت قلقة على حسن وصادق ولداها العائدان من حيفا ,, ثم ستكبر رقية أمامي , ستسقط مدن فلسطين واحدة تلو الأخرى أمام عيني أيضا , سأرى والد رقية مع عمها أبو الأمين يتشاجران بخصوص البقاء على أرض الطنطورة , التي من المحتمل في أي لحظة أن تستقط كباقي مدن فلسطين , سأرى وصال , الطويلة , مكتنزة الجسم , وعبد الصغير متشعلق برقبة رقية ,لكنني لن أستطيع إكمال المشهد , رحيلهم من الطنطورة , صمت رقية المريب , سفرهم إلى صيدا والتعب الذي لاقوه هناك , موت أم رقية , ستعود لي الصورة من جديد , ستعود رقية أمامي , طفلة , ثم فتاة , ثم زوجة ,ثم أم , ثم جدة , سأرى حسن الحيي الهادئ ,بعذوبته الرائعة , وعبد الشقي وهو يدور حولهم , وصادق الذي لم أحبه كثيرا , ربما أنا مثل رقية لم أحب هذا الثراء الذي هو فيه , مع اني بذات الوقت لا اريده ان يبقى محبوسا في زنزانة الفقر في لبنان التي تقول كل يوم بلا خجل وبلا لف ولا دوران : ارحلوا لا نريدكم , وبين كل هذا ستكون مريم تغني بصوتها الجميل , وستعود وصال بنصيّة الجبن وتنكات زيت الزيتون والمسخن , ثم احفاد رقية وهم يركضون حولها ,وخلال كل هذا سيكون امين جانب الصورة التي أراها يبتسم , سألمح عز الذي شاخ مرة واحدة , لكني سأراه وقتها يضحك بذكاء , لا أدري تختلط الصورة في ذهني , أراهم مرة وهم أطفالا , ومرة وهم كبارا , تمر الصور أمامي , حسن وزوجته التي قالت عنها رقية أنها كملاك تحرسه , واطفالهم الثلاثة في كندا , ثم صورة صادق وزوجته رندة وأطفالهم في أبو ظبي , ألمح صورة عبد أمام مركز الابحاث الذي كان يعمل به , المركز الذي لم يبق منه سوى الركام وخيبات الامل , تأتيني صورة مغبشة لعز لكنني فعلا هذه المرة أراه كبيرا والشيب غزا شعر رأسه , مع زوجته في تونس , من ثم يأتيني طي

ف مريم ورقية في الاسكندرية , مريم تغني لها , بينما تحيطهما الأشجار والمزروعات التي زرعتها رقية , لتستقر الصورة أخيرا في الطنطورة , البلد الجميلة جدا ,,لم أكن أعرف أن لبنان رفضتنا بهذا الشكل , وهو ما أحزنني كثيرا في الكتاب

رضوى الجميلة , شكرا لك على هذه الثروة الكتابية , وبالنهاية أنصحكم بقرائته : )

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق