عزازيل > مراجعات رواية عزازيل > مراجعة abdullah rsh

عزازيل - يوسف زيدان
تحميل الكتاب

عزازيل

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

استطاع الباحث (ومؤلف الرواية) يوسف زيدان بحذاقة أن يلغي الفواصل بين الخيال والواقع...بين ما هو تاريخي وبين تأليفه من خلال قالب روائي سلس، وهل هناك ابسط من ان تكون أنت شاهداً على العصر والاحداث حتى يتم ذلك الدمج...وضعنا لنعيش من منظور هيبا المصري البسيط الراهب الطبيب الشاعر...لم يكن هيبا مجرد شخصية خشبية تنقلك من حدث لحدث وفق مجريات ضرورية وتجعلك تقابل الشخصيات التاريخية على اختلاف توجهاتها ومشاربها...بل

كان رجلاً..من لحم ودم؛ له هواجسه وافكاره وشكوكه ومخاوفه وقلبه المحب وأهواؤه.

ارتباطه الوجداني بالثقافة الأم (المصرية) كان القاعدة الفكرية لكثير من مقارباته

العقلية ومورثه المصري القديم أضاف لمسة جميلة في طريقة زينه للامور وتخيلها..

الرواية دسمة بالشخصيات الحقيقية والاحداث المفصلية التي اجبرتني للعودة لكتابه (اللاهوت العربي واصول العنف الديني) حتى اتثبت وأرى الصورة كاملة من بُعد مختلف... فلدينا (هيباتيا الفيلسوفة الوثنية، نسطور، آريوس، تيودور المصيصي، الاساقفة الاسكندرانيين كيرُلّس و اسكندر....مجمع نيقيا وافسوس المسكونيين والكثير من الشواهد التي عرجنا عليها في الرواية....أم نقول عشناها وخبرناها بروح هيبا)...

لا يمكن القول بأن الرواية كانت مكرسة للتاريخ بشكل مباشر...اذ ترى الكاتب قد شط احياناً واسترسل في احداث لا تخدم كثيراً في السرد التاريخي..ولكن كانت مهمة للتكوين النفسي لـ(هيبا)...ديناميكية المشاعر عالية في هذه الرواية...فليست بلون واحد بل تشعر مع هيبا بالخوف من القتل او الملاحقة او التيه...وتشعر معه بضربات قلبه العاشق الولهان (المحترق مرتين)..وتذوق الوجد الصوفي الرهباني مصري الجذور الصافي...ومشاعر اليأس والقنوط من الرحمه التي طلبها مراراً...

جمال الرواية هو في ضخ الحياة في الاحداث التاريخية المصاحبة اذ لم تعد حبراً على ورق وكلمات جامدة....بل واقع محسوس لا يمكنك الا ان تنخرط فيه فتنسى انك تقرأ عن كتاب حياة هيبا...بل تعيش معه...

فلتات افكار الكاتب كانت واضحة سواء في الشكل البريء منها في سؤاله على لسان هيبا عن طبيعة الدين وعلاقة الديانة بالمصرية القديمة وغيرها من الامور التي تتبادر لأذهاننا....

أو الشكل الخبيث منها التي خرجت مع لسان عزازيل...

ولكن من هو عزازيل الذي سميت باسمه الرواية....انه الشيطان..ولكن لم وجد الشيطان ومن اي شيء يتغذى...انما هو شماعة الاخطاء والاماني والشهوات والاثام...يقارب الكاتب فكرة وجود الشيطان بشكل مختلف اذ يقول بان الاخطاء هي من ولدت عزازيل في ذات الانسان أو بالأصح...الانسان ابتكره لتمثيل الشر اللذي في نفسه هو...لا العكس الذي تصوره الاديان بأن الخير المطلق المتمثل بالرب الرحيم يقابله الشر المطلق وسبب الشرور كلها وهو عزازيل(ابليس)...بصراحة هي مقاربة رشيقة جميلة ولا تخلو من خطورة..

قراءة الرواية بمنظور انك تعيش حياة هيبا...وانك ساهمت فعلاً في امور واحداث سواء في الفعل الفاعل الايجابي او المنفعل السلبي....القى في رأسي فكرة الاحتمالات الواسعة على ابعد مدى التي نساهم جميعاً في خلقها وتصييرها احداثاً صارت او لم تصير .....سواء بالفعل...او بالانفعال..ترى كم هي الاحداث العظيمة التي نؤثر في خلقها وجبلها من طينة الزمن !؟

مما راق لي فعلاً هو التوصيف الحاذق والمصور لكل شيء والذي اعتمده المؤلف...مستوى مختلف من النثر...يجمع بين التصوير التوصيفي وبين الدلالة البيانية والفكرة الشفافة المرهفة...

اشعرني بشكل جلي بعكارة النيل وملوحة البحر وحر الصحراء وشظفها وصخب الاسكندرية ووداعة اورشاليم.....أراني جمال اوكتافيا المنتظرة من بعيد، وانهار العسل المنسكبة من عيني مارتا وشلال شعرها الاسود المنهمر، ونقاء الفيلسوفة الجميلة هيباتيا الغزال الجريح الذي تكالبت الضباع من حوله، وجبروت كرُلّس وبهاء نسطور كما صورهم..واحسست بالروح الكنسية التي انبعثت من الرواية فبثت السكينة والراحة فيي عندما عشت رهبنة هيبا....

يتركك الكاتب مع اسئلة كثيرة تدور في الرأس...عن طبيعة الله والدين والخير والشر...عن مدى امتزاج الدين بالسياسة والمكر....عن الحب والوله والخطية ....ولكن لعل ابرزها....

هل عزازيل هو انانا الاخرى التي نتنكر لها؟

Facebook Twitter Link .
8 يوافقون
اضف تعليق