ميزة كتابات خيري شلبي، أنها من تلك النوعية من الكتابات التي تتخلل إلى ذهن القارئ سريعًا وتنعكس على وجدانه، لتسلط الكادر على تلك الزاوية المخفية من الواقع، والتي ربما مرّ بها آلاف المرات ولم يتوقع أن تكون بهذا السوء، لكن هذا ما يفعله خيري شلبي دائمًا أنه يعري الواقع أمام القارئ، ليتبدى له في صورته الحقيقية،يرسمها واحد من صعاليكه كما كان يسمي نفسه، من أسطورة روتها له أمه وهو صغير،وأخذت تتنامى في داخله،ثم أخذت تتمادى في توغلها مع الأيام،تتجسد مرة في كره الانفتاح الذي منيت به مصر على يد السادات،أو تنازع القوى الثورية، أو الانتهازية والوصولية التي أصبحت سمة أساسية في مجتمع مادي بحت، أو انزواء المثقفين منتبذين ركنًا قصيًّا يغردون بعيدًا عن الواقع كل علاقتهم بما يدور حولهم في مقال لا يخلو من كلمات حماسية خالية من أي رد فعل فهي كالطبل الأجوف تضرب عليه فيحدث صوتًا ينتهي بمجرد أن يبدأ، كل هذا قاله خيري شلبي هنا بلغة ارتقى فيها بالعامية إلى أعلى مراتب الفصحى ..