هدي السيرة النبوية في التغيير الاجتماعي > مراجعات كتاب هدي السيرة النبوية في التغيير الاجتماعي > مراجعة To Da

هدي السيرة النبوية في التغيير الاجتماعي - حنان اللحام
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

مذ بدأت الكتاب وأنا لا أستشرف نهايته.. عشت معه قصة بقصة.. أخذتني سيرته صلى الله عليه وسلم بشعور يتجدد بتجدد قرائتي لها، وهو معايشة الأحداث قلباً وقالباً، لتنتشلني من واقعي إلى ذاك العالم الآخر الذي خطت قدماه فيه صلى الله عليه وسلم، وتردد صدى كلماته الحانية المشفقة في جنباته، حتى تركت أثرها في كل مكان، لتشعل قلوبنا حباً وشوقاً.

كنت أماطل نهاية الكتاب لئلا أفجع به صلى الله عليه وسلم من جديد. ولكن قد صادفت نهاية الكتاب مشاهدتي مصادفة لنهاية فيلم الرسالة الذي لا أملك معه دموعي في أي لقطة منه! حتى آل بي الحال لتجنبه.. وها أنا أفجع من جديد من الجهتين من الكتاب ومن الفيلم..

سيرته هي المٓعِين الذي لا ينضب، والأثر الذي لا يزول، والعطش إليها لا يروى. ألزمت نفسي أن أستزيد منها في كل عام هجري، أجدد بها دخولي لعالمه صلى الله عليه وسلم، لأجدد شوقي وأبدد ظلمة نفسي فكان هذا الكتاب هو وكتاب البوطي " فقه السيرة النبوية" من أفضل كتب السيرة التي قرأتها إلى الآن ولا أظن أن سٓيٓفْضُلُ عليهما آخر. إلا أن الفرق هنا بزيادة توسعه وشموليته لجميع مناحي السيرة، بما يخدم إسقاطها على واقعنا الحالي مع لمسات دُرِّيّة من كاتبته.

كتب السيرة التي قرأتها قبل هذين الكتابين كانت تورد الأحاديث من مصدرها بدون تعلقيات وشروحات، أما هنا فقد شرحت كل الألفاظ الصعبة وتم التعليق عليها واستخلاص الدروس والعبر منها، بطريقة محببة تفصح فيها الكاتبة عن مشاعرها أحياناً وموضوعية تربوية أحياناً أخرى لتسقطها على حاضرنا ونفوسنا وقلوبنا وأعمالنا مقارنة وتبياناً وحثاً واستعطافاً. القصص الواردة كان أغلبها جديداً بالنسبة لي واختيارها كان موفقاً، عمدت فيه الكاتبة إلى إظهار بشرية الصحابة رضوان الله عليهم وبشرية رسول الله فكان أن جعل الكتاب فريداً مشوقاً.. ما أن تمسك هذا الكتاب إلا وسيلفتك تنظيمه وترتيبه ولك أن تسرح بخيالك لترى كمّ الجهد الذي بذل فيه بمجرد رؤيتك لآخر مئة ورقة منه! حيث رتبت فيه الآيات والأحاديث والفهارس والمراجع بدقّة كلّ حسب الموضوع لتسهيل الرجوع إليه لمن يهمّه الأمر.

وقُبِضٓ رسول الله.. وحلَّ الخشوع في الأجواء وساد الصمت الذي يوحي بالفراغ الذي تركه رسول الله بعده.. لكن الكاتبة بلفتة جميلة منها لم تختم الكتاب بذلك، وإنما آثرت أن تجعل آخر عهد القراء بمواقف لطيفة -ومضحكة في بعض الأحيان- من حياته صلى الله عليه وسلم تشير فيها إلى حسن عشرته لأصحابه وأزواجه و تلفت النظر فيها إلى طيبته ورحمته بمن حوله.. فكان أن قلبت أجواء الحزن إلى دروس في الأخلاق حثاً لنا على التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم.

في النهاية أقول: لا يحضرني كلما قرأت موقف من سيرته إلا المفارقة العجيبة بين معاناته صلى الله عليه وسلم من أجل إيصال هذا الدين إلينا، وبين ابتعادنا وتكبرنا وتفريطنا من بعده. هذه الصورة التي تتمثل لي كل مرة كشبح مرعب يودي بي إلى بكاء مؤلم لا يغادرني إلا خائرة القوى، معتذرة إليه نادمةً. لكنه قد علم صلى الله عليه وسلم بغربتنا في زمن الفتن وقد أحس بوجعنا فوق كل أوجاعه وأمرنا بالصبر والتصبر والتمسك بحكيم كتابه واتباع سنته.. ولكن كيف إذا صار حديثه صلى الله عليه وسلم لا يعمل به لعدم موثوقيته، وكيف إذا صار الناس يجادلون ويتشككون بكل تكبر بصحة صحيح البخاري، متبعين بذلك خطة الغرب في إبعادنا عنه عليه الصلاة والسلام ومتذرعين بحجة تجديد الدين والتأويل العصري للقرآن! آه..

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق