ورثة آل الشيخ > مراجعات رواية ورثة آل الشيخ > مراجعة إبراهيم عادل

ورثة آل الشيخ - أحمد القرملاوي
تحميل الكتاب

ورثة آل الشيخ

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

تأسرنا الحكايات وخاصة إذا كانت عن زمنٍ مضى لا يعود، وتكمن براعة القص في توظيف عدد من الحكايات الجانبية مع غرض الرواية الرئيسي، وهو ما استطاع القرملاوي أن يدور حوله بإتقان بالغ في هذه الرواية، فالنسيج الذي اعتمد على أساسه روايته كبير وممتد عائلة عشت في مصر منذ نحو مائة عام وهاهو يتقصى أخبار أفرادها واحدًا واحدًا، ويحذب القراء معه لعالم هؤلاء الأفراد/ شخصيات العمل ، وهو في كل تقديم لشخصية وحكاية يوّرط القارئ مع تفاصيلها عاطفيًا ووجدانيًا، ثم ينتقل منها إلى شخصية أخرى وحكاية أخرى، ثم يعود مرة أخرى إلى بطل الرواية بشكلٍ هادئٍ وبسيط.

نتعرّف على الأجداد أولاً الشيخ كامل وعائلته ثم صدقي بك الحكمدار وحكايته بنهايتها الدرامية، ثم فاضل وأبناؤه الذي يعد الجد الأكبر للراوي، ونشأت وحكايته الدرامية الرومانسية، ونعمات سيدة المنزل القوية القادرة،والجد حسين وحكايته مع المطبعة، وغيرهم من الشخصيات التي ترسم حكاياتهم صورة جديدة مختلفة في تفاصيلها لمصر القديمة وكيف عاش الناس فيها.

وعلى عادة الأعمال الروائية المحكمة لا تمنح الرواية رسالتها بشكلٍ مباشر، بل يعمد السارد إلى إغراقنا بالتفاصيل، وهي لحسن الحظ كلها تفاصيل شيقة وذكية، مرسومة بإتقان ومختارة بعناية، ليست أيضًا حكايات هامشية أو عابرة. ولكن مع ذلك كله تتسرب إلى نفس القارئ ولا شك رسالة الرواية، أو سؤالها الأخطر، هل كنّا أقوياء يومًا ما، هل كان وضع الأجداد أفضل منّا؟! هل كانت مصر زمان كما يزعمون أفضل من مصر اليوم الحالية؟! أم أن كل ما نقوم به هو استدعاء الحنين لتلك الفترات الماضية، التي يشبهها الراوي ببراعة بالاهتزاز في عربة قطار، بينما الزمان يمر!

بين السرد والحوار بناء محكم

يلفت النظر عند القرملاوي في هذه الرواية وغيرها التزامه في الحوار باللغة المحكية التي تمزج ببساطة واقتدار بين الفصحى والعامية، يأخذ التراكيب العامية فيجعلها فصحى تنقل العنى كما هو ولا تخل ببناء السرد الفصيح المتقن، لا سيما وأن الحوار عنده يأتي مع السرد في سبيكة واحدة على الذي ينقله من خلال الراوي الخارجي/العليم. ولعل لغة الحوار تلك تذكرنا بالحوار الذي كان يكتب بها نجيب محفوظ رواياته، والتي خلص إليها من المعركة التي كانت قائمة بين العامية والفصحى وكيفية استخدامها في الحوار في الروايات، ولا شك أن تلك اللغة هي الأقدر على تمثيل الفترة الزمنية التي تدور فيها الرواية وأكثر أحداثها.

من جهةٍ أخرى استطاع القرملاوي أن ينقلنا من خلال الحكايات والمواقف والأحداث إلى ذلك الزمن القديم الذي دارت فيه أحداث روايته، واستحضر من أجل ذلك العديد من المفردات والمصطلحات والأماكن التي نشأ فيها أبطال روايته والشوارع والحواري التي عاشوا فيها، والجميل أن أحداث الرواية لا تقتصر على مكان واحد بل تدور بنا في الأماكن أيضًا من القاهرة القديمة إلى حلوان، كما ندخل إلى تفاصيل استخدام أهل ذلك الزمان للأشياء وعلاقتهم بها، يأتي سرد تلك المشاهد داخل مواقف السرد بانسيابية وذكاء من ذلك مثلاً المقطع الذي يسعى فيه نشأت إلى حبيبته الأرمينية ليليت ويستعين بأول هاتف حربي بأسلاكٍ تمتد بين عمارتين في القاهرة.

ومن ذلك أيضًا الحكايات الجانبية تلك التي تصور بداية الولع بعالم السينما والموضة والأزياء، في المقاطع التي تحدث فيها الرواية عن زبيدة التي بهرتها الأضواء، وكيف انجذبت لعالم المصور اليهودي إفريم وعدسته التي كان يصوّر بها أحياء القاهرة وتفاصيلها، ثم تحوّل إلى تصوير الغانيات والموديل وكادت زبيدة تكون واحدة منهم لولا حكاية الحب التي لم تكن تعرف عنها شيئًا.

.......

مقالي على إضاءات

****

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق