إذاعة الأغاني؛ سيرة شخصية للغناء > مراجعات كتاب إذاعة الأغاني؛ سيرة شخصية للغناء > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

إذاعة الأغاني؛ سيرة شخصية للغناء - عمر طاهر
تحميل الكتاب

إذاعة الأغاني؛ سيرة شخصية للغناء

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

القراءة الأولى لـ"عمر طاهر" وهو واحد من الكُتاب، الأكثر ترشيحاً، الأكثر مبيعاً، ومن كلام الأصدقاء عنه، كتاباته هي الأكثر دفئاً، والتي تحمل في طياتها، بساطة لامتناهية، في السرد والحكي، ولكن أحياناً تصل درجة عُمق في الأفكار لم تكن تتوقع أن تصلها.

كتاب "إذاعة الأغاني: سيرة شخصية للغناء" هو ما يُشبه سيرة غنائية للكاتب والأغاني التي ما زال يتذكرها من طفولته وشبابه ومراهقته، عمر طاهر يكتب هذا الكتاب بحميمية تكاد تشعر أنك كنت في المواقف نفسها، يصطحبك بهدوء تام للحكاية، وفي الخلفية تأتي الأغنية، تكاد تُجزم أنك تسمع اللحن في رأسك آثناء القراءة. وذلك حدث معي في أغلب الأغاني التي كُنت اعرفها مُسبقاً، حيث أنه بالطبع لاختلاف جيلي وجيل "عمر طاهر" فالأغاني اختلفت نسبياً، فكان هناك بعض المغنيين الذين لم يتقاطعوا مع تفضيلاتي الغنائية -لن استفيض في الكلام عنها هنا، ولكنها غريبة ومُريبة وعجيبة- فأسماء مثل: محمد محيي، وعلى الحجار، لم تكن على قائمة الأغاني التي أحب أن اسمعها قط! أولهم، كنت اسمعه على سبيل السخرية، وثانيهم، كنت اشعر أن صوته صخري كاسمه الثاني، رغم أنه صوت جيد، ولكن لم تلتقي ذائقتي معه.

في الحقيقة، كون الكتاب يتحدث كسيرة غنائية، جعلني أتساؤل لماذا الأغاني؟

ووصلت لأن الأغاني تكون هناك دائماً في أغلب المواقف، أوقات الحُزن، والفرح، الاشتياق، والبُعد، والبكاء، أوقات الحيرة وحتى الاستمتاع، والرقص، دائماً هُناك أغنية نسمعها، لا استطيع أن أنكر أن الجزء الخاص بأم كلثوم حصل معي بالضبط، أن تكرهها وأنت صغير وتُحبها وأنت كبير، وكأنه لا يُمكنك أن تسمع "أم كلثوم" إلا وأنت ناضج تماماً، تستعد لتلك الرحلة، والحنجرة الذهبية، والموسيقى التي تُسبق غناءها، أتذكر أن والدي كان يُشغل "أم كلثوم" على قناة "روتانا كلاسيك" دائماً، فأصرخ: "يووووووهوووه، هو مفيش غير أم كلثوم على القناة دي؟" يرد علي: "يعم اتنيل، بكرا تعرف قيمتها، وتسيبك من أغاني الخبط والرزع إللي بتسمعها دي"، وبالطبع عرفت أنني كنت أحمقاً كبيراً.

أتذكر أيضاً أنني لم أتأثر أبداً بتلك الموجة التي سبحت في إتجاه منير وأغانيه، لم أحب "منير" قط، إلا حالات إستثنائية، لكنه لم يكن أبداً ذائقتي، ودائماً ينظر لي المُنيريين نظرة كره وبغض عندما أقول: "أنا لا أحب منير"، ولكن هذه ذائقتي، ولأكمل هرطقة وكفراً، فأنا لا أحب "عبد الحليم حافظ"، أبداً.

ما علينا من الحُب والكره في الغناء، هي ذائقة في الأول والأخير وقابلة للتغير دائماً، وكلما كبرنا تتحول اهتماماتنا في الأغاني -قائل هذا السطر لا يزال يسمع أغاني المهرجانات ولكن ما علينا- دائماً ما تحملنا الأغاني إلى أماكن وذكريات نظن أننا نسيناها، ولكننا نتفاجئ، وبشدة أننا نسينا تلك الأغنية التي كنا نسمعها مراراً وتكراراً، وقد تُصيبك أغنية بالبكاء المفاجئ أو الضحك المُفاجئ، أو تجعل عقلك وقلبك وروحك يقفوا قليلاً، تتذكر الأحداث المُصاحبة لتلك الأغنية، وتأخذك بعيداً بعيداً، عن الأرض الواقف عليها. وهذا سحر الأغاني الشيطاني، الذي يجمع الكلمات الساحرة، مع اللحن البديع، وصوت المُغني وحنجرته، ليُلقي عليك تلك التعويذة التي تجعلك هناك، في مكان لا يصله غيرك.

قبل أن انهي، من الذكريات التي وجدت أنني لا زلت أحتفظ بها، في بداية الألفية الثانية، كان عمري لا يزال حوالي 5 سنوات أو 6 سنوات، أتذكر نفسي واقفاً أمام الشباك، أمسك "الكاسيت" مُشغلاً أغنية واحدة فقط، "دايما دموع: حمادة هلال"، واشغلها مراراً وتكراراً وأبكي، بكاء لا ينقطع غزير ويحمل نهنهة، ليدخل والدي الغرفة، ويقول لي جملته الخالدة التي لا زلت أتذكرها حتى الآن: "هو أنت لحقت تحب ولا تتنيل إمتى؟ عشان دايماً دموع دموع دي؟" والحقيقة أنه كان معه حق تماماً، أنا وقتها لا أعرف لماذا كنت أبكي؟ رُبما بسبب صوت بحة "حمادة هلال" التي ستجعلك تبكي حتى لو كنت طفلاً أحمقاً عمره ست سنوات.

في النهاية،

هذا كتاب لطيف، جميل، يُثير النوستالجيا، ويُنصح به.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق