ماكيت القاهرة > مراجعات رواية ماكيت القاهرة > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

ماكيت القاهرة - طارق إمام
تحميل الكتاب

ماكيت القاهرة

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"مر الربع قرن، لكن شيئاً لم يتغير، حتى الحاكم لم يتغير. كُل ما حدث أن بنايات سقطت ونهضت غيرها، أن القاهرة فقدت تصميمها، وانسحبت خطوة للوراء، لتُصبح العاصمة الثانية، فيما بقي التاريخ مُجرد رقم يتبدل على نتيجة الحائط."

رواية "ماكيت القاهرة" هي رواية فانتازية غرائبية، ورغم ذلك تمس الواقع، تُحاول أن تتنبأ بالمُستقبل، الذي أصبح واضحاً من الحاضر المُظلم المُتجه إلى ظلمة أكبر. من خلال ثلاث شخصيات يستعرض "طارق إمام" حكايته، أو فلنقل حكاياته؟

حتى الأسماء التي حملتها الشخصيات في منتهى الغرابة، "بلياردو"، و"نود"، و"أوريجا"، وحتى "المسز"، شخصيات بدأت حكاياتها بشكل فردي، حتى تشابكت بشكل لا تستطيع أن تفصل حكاية كُل شخص فيهم، عن الأخرين.

ومن خلال ثلاث أزمنة مُختلفة اختيارهم كان عبقري؛ عام (2011) بداية الثورة المصرية من القاهرة، الأمل الذي انتشر في جميع البقاع، لتكون رائحته أقوى من رائحة الفساد -الذي لم يكن حجمه هيناً-، عام (2020)، عام الكورونا، ونهاية هذا الأمل، لم ينتهي الأمل في هذا العام بالتحديد، ولكنها تتبعات جعلتنا نُدرك، أن ذلك الأمل لم يصبح له أي آثر، وأن حتى القاهرة لن تكون العاصمة مرة أخرى. عام (2045)، يتخيل الكاتب المُستقبل للعاصمة، التي لن تكون موجودة في هذا الوقت. أهو مُجرد تخيل، أم واقع نتجه إليه بدون رحمة؟

من المواضيع الهامة التي تناولتها الرواية بكل تأكيد كان الفن بأشكاله الحديثة، مثل: الأفلام القصيرة ذات التمويل الذاتي، الكوميكس، الجرافيتي، وصُنع المُصغرات بكل تأكيد. وعند نقطة الفن هذه وجدت نفسي في حيرة، أحياناً كان يتكلم الكاتب بشكل جدي، وتشعر أن الحديث عن الفن مُمتع وثقيل في نفس الوقت، وفجأة تشعر أن الكاتب يسخر من التعقيد الذي أصبح يلازم الفن، وتأويله، فيخترع مثلاً أسماء لفنانين، بشكل ساخر تُشبه أسماء لاعبي كرة قدم، ومُطربة حسناء. حتى أنني وصلت إلى نقطة أن كُل ذلك الحديث عن الفن وطبيعته وكُنهه هو فخ، بمُجرد أن تشعر أنه حقيقة، يُفاجئك الكاتب أنه يسخر من كُل ذلك التعقيد والتأويلات الغريبة للأعمال الفنية المُختلفة. وأن أحياناً الكاتب قد لا يقصد أن يكون أي شيء على الإطلاق في نطاق الرمزية، ولكن تجد متناولي العمل الفني، يأولونه، أن الفنان كان يقصد كذا وكذا وكذا، في حين أن الفنان، كان فقط يرسم لوحة ما، أو يكتب جملة ما، بدون أي قصد على الإطلاق.

ولكن هذا العمل، لا يخلو من الرمزيات، السياسية كانت واضحة ومُستترة، تستطيع أن تستشف السخرية المريرة من ما وصلنا إليه، الفكرة في أساسها مبنية على أن القاهرة لم تعد قاهرة، بسبب أنهم سيتخذوا عاصمة جديدة، وما سيحدث لها بعد ذلك. ولكن هناك رمزيات عديدة لم أستطع أن أفكها أو حتى أفهمها، شخصية "المسز" وما تُمثله، تحمل تأويلات كثيرة، كتاب "منسي عجرم"، وغيرهم، رُبما قد تكون تلك الحالة أشبه بما أخبرتك عنه في الفقرة السابقة، أن الكاتب كتب كُل ذلك من أجل الغرائبية، وأن حللناها أكثر من اللازم لن نستمتع بهذا النص، فهذا النص أن حاولت أن تفهمه، قلت متعته، يُشبه أعمال "هاروكي موراكامي"، فأنت مع "هاروكي" تقرأ ولا تفهم ولكنك مُستمتع، وهنا بشكل كبير، كانت هذه الحالة جلية.

ولكن، الفارق بين هذه الرواية وبين روايات "موراكامي"، أن هذه الرواية كانت شديدة التكلف في الخيال، وفي الألفاظ، فصنعت جدارين خلفهم المُتعة الكامنة في النص، لو كانت الألفاظ أقل تكلفاً مع الخيال الجامح، أظن أن المتعة كانت ستكون أكبر بكثير، وخصوصاً أن الخيال هُنا شديد القوة، صنع الكاتب نُسخ عديدة من حكايته داخل حكاية واحدة، وتلك الفكرة المجنونة، كانت مُمتعة، إلى الدرجة أنك بعدما تصل إلى أواخر الأحداث، هناك أحداث بعينها كنت تعرفها لأنها سُردت من قبل، ولكنك ما زلت تستمع بالحكاية، لأنها من منظور آخر، أعلى من المنظور الذي قرأته منه، أو أسفله، لعبة مجنونة، صنعها الكاتب، كالماكيتات.

ختاماً..

رواية "ماكيت القاهرة" من أكثر الروايات (جناناً) وروشنة، قرأتها مؤخراً، رواية مُمتعة، ومُستفزة، ومُربكة، ولكن ستظل تقرأها، برمزياتها التحذيرية من مُستقبل نخشى أن نقع فيه، أو فن أصبح الحديث عنه شديد التكلف، أو حتى حيواتنا الشخصية، التي أصبحت مُعقدة ومشوهة. رواية بها خيال جامح وسرد لفظي جيد، أحياناً كان شديد التكلف، ولكنها ما تزال، من أجمل ما قرأت.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق