وداعا للماريونيت : داخل ثنايا الآلام تولد المعجزات > مراجعات رواية وداعا للماريونيت : داخل ثنايا الآلام تولد المعجزات > مراجعة Sylvia Samaan

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

داخل ثنايا الآلام تولد المعجزات.

وداعًا للماريونيت لنبيلة عبد الجواد.

هل تعلم يا عزيزي ما هو الماريونيت في الأساس؟!

ذلك الفن الذي يقوم على صنع عرائس خشبية صغيرة تُوصَل أطرافها بخيوط أو أسلاك تتجمع أعلاها ليتحكم في حركاتها شخص يسمى مُحرك العرائس.

ها وقد علمت ماهية الماريونيت، أتعتقد أنك لم تكون ماريونيت لأحد؟!

كل دورك يتلخص فيما يريدونه منك، يطمحونه لك ليفتخروا هم بك؟!

في هذه الرواية تعمدت الكاتبة على ذكر نماذج عدة.

لم تكون افتتاحية الرواية هادئة، فقد بدأت بمشهد انتهاء فترة عمل طبيب التخدير طاهر الدميري عائدًا لمنزله حاملًا باقة زهور حمراء قانية، عمد أنطونيو بائعها إلى رشها بقطرات من الماء لتصبح ندية فواحة، وعند وصول طاهر للمنزل إذ به يتفاجئ باختفاء زوجته ليان ليتفقدها في ورشة الرسم الخاصة بها ليخوض في بركة دماءها.

بداية قوية مثيرة تحبس الأنفاس تجعلك متحفزًا وكأن قاتل ليان يتربص بك أيضًا.

تنتقل بنا الكاتبة في تنقل ناعم بين الأماكن والسنوات ما مضى منها وما هو آت.

فبين الأسكندرية والبحر والعبارة وفي إحدى موانئ إيطاليا والحجرة المظلمة الباردة، مطعم توماس في فرنسا، منزل طاهر، ورشة الرسم والمستشفى.

تعددت الأماكن كما تعددت فصول الرواية التي بلغت خمسة عشر فصلًا حوت بداخلها فصول معنونة أصغر، وهكذا تعدد رواة أحداثها، فتارة نجد طاهر هو من يسرد علينا معاناته، وتارة أخرى نجد ليان هي المتحدثة، وتارة جديدة نتقابل مع شمس أو ماثيو أو مارلي.

هز كياني مشهد إلقاء المسافرين في البحر من مركب لمهاجرين هجرة غير شرعية لإيطاليا.

لم يكونوا ذكورًا فقط، فقد حملت المركب إناث، منهن من كانت تفر هربًا من مقتنصي ذكرياتها ومن أرادوا تكبيلها بصفود من حديد وخزي، ومنهن من طمحت في عيش رغد أفضل مم تحياه، وكم كان مروعًا مشاهد الغرق والنجاة، الفقد والترك، الحياة والموت، الألم والأمل.

فكلها تمازجت وتباينت في أحلك الأوقات.

لم تعاني شمس وحدها، هذه التي تربت متنقلة في ملاجئ حتى تم تبنيها من قبل أسرة طيبة وكريمة لتشقى بعد رحيلهما تاركة بلدها وذكرياتها بين جدران البيت الذي طالما احتواها كما احتوتها أحضان مُلاكه.

بل عانت ليان من تنمر المحيطين بها لاختلافها، ولخوفها الدائم من الفقد ولشدة احتياجها الوثيق لمن يشاركها، فتعلمت فضيلة الاستغناء حتى أجادتها، تاركة ما قد يثير شهية الطامعين فقط لتحظى بالصحبة.

أما ماثيو فقد كان دومًا ماريونيت لأبيه الذي طالما استخدمه أبشع استخدام، مرات ومرات كان ماثيو بمثابة كارت ضغط وإرهاب لزوجة عاشت ذليلة بصحبة والده حين كان يهم ذاك المجنون بمحاولة إلقاؤه من النافذة فتستجيب الزوجة وتعطي المال لذاك السكير كي لا يفلت قدم ماثيو الصغير، الثاني بين أخوته.

ولمرات ومرات كان ماثيو يصرخ مكتفيًا من قبح ما يقترفه به والده.

فكبر الماريونيت ليصبح بقبح والده، وليكرر فعلته الشنعاء مع من وده بإخلاص.

مارلي! حتى تلك البدائية التي جذبتها في ماثيو، لم يدُم انبهارها بها، ولم يتسنى لها الهروب بعيد عنها.

أما طاهر فعاش ماريونيتًا لرغبات أبيه تاركًا ما استلذه من هواية، ممتهنًا فيما يبغضه ويمثل له ضغطًا رهيبًا فلا يصلح فيه.

٢٤٤ صفحة كُتبت بالفصحى، رُسمت فيها بعض الشخصيات بحرفة ربما كان أشدها إبهارًا لي هي شخصية ماثيو فهي شخصية مركبة شديدة الثراء بما عاناه في طفولته وما آل به المآل بعدما اشتدت هلاوسه ومخاوفه.

جذبني العديد من الاقتباسات التي وجدتها ملهمة أو تلمس القلب، منها :

❞ - أخاف العزلة، ولكن ما أخافه يريد ملازمتي، لا أريد أن أكون بمفردي في هذه الحياة، ولكن الحياة تجبرنا دومًا على التنازل وأخذ ما لا نشتهيه.‏ ❝

‏❞ غريب عقل الكائن البشري، تفكر في شيء قبل النوم، ليفاجئك بظهوره في حلم ثنائي معك، وكأنه عبارة عن مشاهد درامية بحتة، تتوقع النهاية فيها، ليقطعها استيقاظك المفاجئ لشيء مبهم تمامًا، كصوت عصفور يحلق إلى جانب شرفتك، وتجد نفسك مستيقظًا لتستكمل تفكيرك في نفس ذات الشخص ❝

❞من كثرة بداياتي أوشكت على الاقتناع بأن الحياة ما هي إلا بدايات، أما عن النهايات سنترك أمرها ونقرر الاستمتاع بكتابة المولى لها، لعلها تكون أكثر صدقًا من بداياتنا المتنوعة.‏ ❝

❞ في جميع الأحوال إن أطفال الملاجئ هم النتيجة الأسوأ للخطيئة أو القدر. ❝

‏❞ البشر في المطلق لا يلقون باللوم على أنفسهم، ولكنهم يبحثون عن عيوبك التي تقبلوها في بداية الأمر ويبدؤون بالتذمر منها، لكي يجدوا طريقًا للرحيل دون الشعور بالندم.‏ ❝

❞ في لحظات الغضب لا تستطيع التفكير بواقعية، فكل ما يأتي في بالك هو الخلاص من الشيء الذي يزعجك ❝

❞ ‏عظيم هو الحب، وعجيب في آنً واحد، يجعلك تطير أحيانًا وأنت في حُلم جميل، وأحيانًا أخرى يجعلك ترتطم أرضًا على كابوس أسود ❝

❞ وهل يتسنى للفرد بالعودة إلى الحياة بعد ما أرادت الحياة نفسها التخلي عنه ❝

‏❞ كلمة "لو" ثقيلة، ولا تريح، تتعبنا، تؤذينا فقط. وتجعلنا نتخيل حيوات أخرى تمنينا أن نحياها.. يا له من موقف بائس وحياة بائسه وعالم رديء.‏ ❝

‏❞ الحياة هكذا، الحق لا يُؤخذ من الفاعل، ولكنه يؤخذ مِنَن ليس لهم أي ذنب، حتى يعيش الفاعل في قهر حقيقي، مثلما أعيش تمامًا

❞ الحياة عبارة عن رموز وعلامات كثيرة، ولكن الذكي هو من يفهم تلك الرموز ويحاول فك شفراتها ❝

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق