رحلة عبر دهاليز الزمن..
عمر طاهر كالعادة بياخدك في رحلة من نوع خاص فيها كم عناصر غريب ومتشابك بطريقة جديدة جدا ونفدر نقول عليها"خلطة سحرية" انه يحركك بكل سهولة وبساطة وانبساط وانت مبتسم كده من اول كلمة لآخر حرف ف الكتاب.
وانت ماشي بين صفحات الكتاب هتحس انك بتتمشي جوه طُرقات "جمع"طُرقة" وهي الممر الضيق.. دار المحفوظات او كأنك دخلت بين دهاليز أرشيف جريدة الأهرام.. وعمال ياخد من كل رف جرنال ويديك الزُبد بس.. اللي هو هو ده الي انت هتحتاجه من العدد ده وغير كده" َبَرِت".
الكتاب فيه كم معلومات متعدد ومتفحص وسريع وخاطف فنفس الوقت هو بيقولك الحكاية ويدعمها بمثل شعبي ويرش عليه مانشيت جرنال ويعصر عليها عصارة دماغ من انضف الادمغة في مصر ويقولك بالهنا والشفا "دلَّ مخك" وهو مبتسم كده كعادته.
انا ماحضرتش ولا هو أغلب الاحداث لكن في لحظة ما انت بتفتح الكتاب ونحس ان الدنيا حواليك بقت ابيض ف اسود ولازم تحترم الكلام كده وتاخد هيبة زمنه ،رغم ان الكتاب مش بس عن عبدالناصر كشخص لا ده تحبيشه زمنه كلها ومن حلوه والافيهات المتنقية وش قفص بجد عن كل عناصر الزمن من مطربين وكتاب وصحفيين انت بتاخد الحقبة بتاعته شروة واحدة.. معني شرو الشئ أي عَسَلَه.. وبتكسب فيها مكسب يخليك مبسوط انك عرفت الاسرار دي وانه وداك هناك بدليل مبسط وبدقة جواهرجي عرف ايه الحتة اليافتة الي يديهالك بعيدا عن الفالصو.
النوسالتجيا الي عمر طاهر بيوديك ليها دايما مختلفة جدا لانك بتحس انه عاشها وشافها وكأن الحكايات جاية من جوه جيوب صحابها متحملة بتعتيق هدومهم وريحتهم بجد مش مجرد كلام مرصوص وده ممتد بعد كحل وحبهان وفي اغلب كتبه والي تقريبا هو اشطر واحد ممكن يدخلك الزمن من ع القهوة وفي حوش البيت ومن بلكونة الجيران ومن كوبس الكهربا في مكتب الملك شخصيا.
واضح جدا كم البحث الي خلاه يعمل المزيج الجميل ده ويخرج بالخلطة دي من عدد المصادر الرهيب الي نهاية الكتاب وده بيديك اطمئنان ان كل الي انت قرأته كعادة عمر طاهر انه خد ومتدورش انت صاحب كتاب مش زبون.. فبتجيب الكتاب وانت واثق انك لا هتضيع وقت ولا فلوس ع الفاضي.
طريقة عرض الكتاب محتاجه دماغ صاحية وفايقة عشان تستقبل كم المدخلات دي وتقدر تربط الزمن بالناس بالاحداث وتيتمتع لانك لو ماركزتش هتحس انه ايه ده؟ هو منين بيودي علي فين لكن لو استجمعت تركيزك او نصه حتي هتتكيف وتبتسم وتضحك جدا كمان علي المواقف والاحداث وتواريخها.
عجبتني جدا اجزاء ام كلثوم بصفتها كانت من اعمدة زمن عبدالناصر ويمكن كون عمر طاهر يقدر يطلع بكتاب زي ده في ظل تريند صورة عبدالناصر الي شبعت كوميك هو شجاعه وقدرة علي القول كما ينبغي مش زي ما الناس عاوزه او زي مايحبوا يسمعوا وده شئ انا بحترمه جدا انه بيحترم القارئ بتاعه وبيعمل شغله بمزاج عشان يوصل للناس بمزاج.
الكتاب مش كبير ومقالاته مش كتير لكنه فعلا وجبة دسمة نفسياً وممتعة عقلياً بشكل كبير جدا واتمني يكرر الحركة في من علم السادات شُرب البايب ومن نصح مبارك بصبغ الشعر ومن.. يلا مش مهم.
تقدر تاخد من الكتاب كم اقتباسات ومش هبالغ لو هقول الكتاب كله يطلع منه اقتباسات لان كل مقال فعلا يخش في تصنيف الدُرر المكنونة في الجرايد المركونة.
لازم اقول ان فكرة الهامش الواسع دي جميلة جدا والي اتكررت معاه من صنايعية مصر، انه في الهامش ما لا يسع سطور المقال حملة ولا يمكن السكوت عنه.. فشكرا علي الهوامش ومعلوماتها وإفيهاتها المُعَدَّة بعناية.
الغلاف كمان فيه تاتش حلو من اول الرسمة للطفاية الفاضية 😅 لحد عقب السجاير والكبريت المرمي بعيد.. مش هقول ليهم دلالة لا.. بس الغلاف حلو مع الخط الاحمر الي فيه ده.