أحدب نوتردام > مراجعات رواية أحدب نوتردام > مراجعة Salma.Ahmed

أحدب نوتردام - فيكتور هيغو, أحمد منصور
تحميل الكتاب

أحدب نوتردام

تأليف (تأليف) (تقديم) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

«أحدب نوتردام»

رواية فلسفية، اجتماعية، رومانسية، شبه تاريخية، ولم تصنف الرواية بالتاريخية البحتة، نظرًا لأن شخصياتها من نسج خيال الكاتب، أو بالأحرى شخصية البطل(الأحدب أو كوازيمودو) وان كانت الأماكن التي شهدت مسرحًا للأحداث "باريس، كنيسة نوتردام" أماكن حقيقية وكذلك أفكار ومعتقدات ذاك العصر والتي عبر عنها هوجو بصراحة موجعة، تشي ببشاعة هذا القرن، وهشاشة أفكاره وشذوذها

وعلى الرغم أنني شاهدت الكثير من الأفلام الأجنبية وكذلك المترجمة التي تحدثت عن شخصية «أحدب نوتردام» قارع الأجراس، إلا أنني لم أكن قد قرأت رائعة «هوجو» بعد، كعمل أدبي متفرد، عميق الرؤية والمعنى.

ويعد«فيكتور هوجو»

كما قيل عنه أديبا وشاعرًا وروائيًا فرنسيًا، يُعتَبر من أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية، هو الكاتب الذي اتخذ موقفا ضد الظلم وغياب العدل وأنصت لصوت الضعفاء والمحرومين، فجاءت رائعتاه «البؤساء، وأحدب نوتردام » تعبيرًا عن رفضه لكل ظلم، وسلطة مطلقة سواء لرجال الدين، أو رجال السلطة.

وقد قمت بقراءة الرواية في نسخة شبه كاملة إلى حد ما غير مختصرة، ترجمة الكاتب اللبناني والمترجم الراحل «رمضان لاوند» من خلال منصة أبجد، وقد جاءت الترجمة جيدة إلى حد كبير وإن كانت غير موفقة في بعض أجزائها.. كاختصار المترجم الوصف للكنيسة مقارنة ببعض النسخ الأخرى المترجمة، على الرغم من أن الكنيسة تعد محور وركن أساسي ورئيس في الأحداث والسرد، وكذلك اجتهاده في شرح معانٍ لبعض الكلمات وتفسيرها بجمل ربما غيرت المعنى الذي كان يقصده الكاتب، وذلك بمقارنة بمضمون النصِّ الفرنسي مع ترجمته العربيَّة، وكما قال بعض النقاد أن «لاوند» قام بوضع توصيفات غير موجودة في النصِّ الأصليِّ.

وفي الرواية،

اعتمد هوجو في السرد على إشعال ذهن القارئ، وجعله طوال الوقت في حالة دهشة وتخيل، ورسم للشخوص، رسمًا يسير في خط موازٍ، وبمحازاة مع كل مشهد يكتبه ببراعة ودقة متناهية، ثم بذكاء يتركه في حالة حيرة وتساؤل

فحين قام بوصف بشاعة جسد وملامح «كوزيمودو» اسهب في الوصف، وبالغ في النفور من دمامته؟فجعل القارى يتساءل بعدها ترى هل هو ينفر من الدمامة؟ ام أن انه متعاطفًا مع البطل ام هو فقط يستعرض ويصف غرابة الشخصية؟!

لا شك أنه برع في الوصف ورسم شخصية لامثيل لها من قبل في الغرابة وبشاعة الجسد فيقول:

«الأنف الصلب ذي الوجوه الأربعة، وذاك الفم الذي يشبه حدوة الحصان، وتلك العين اليسرى الصغيرة التي يسدها حاجب أصهب أشعث بينما كانت العين اليمنى مختفية اختفاء كاملاً وراء ورم شديد الضخامة، وهذه الأسنان المنخورة المتكسرة المفلولة والمنتشرة هنا وهناك في فوضى ظاهرة، كأنها شرفات الحصن، وهاتيك الشفة الجاسية على علتها سن من أسنان الفم فبرزت إلى الخارج كأنها ناب فيل»

وينتهي «هوجو» من الوصف الجسدي، فينتقل للأثر المعنوي الذي يتركه في نفوس مشاهديه فيقول:

(وهو مع هذا التشويه كله، يملك من الحيوية المرعبة والخفة والشجاعة شيئًا كثيرًا. إنه استثناء غريب عن القاعدة الخالدة التي تفرض أن تكون القوة كالجمال نتاجًا للانسجام).

فبعد توغل الأحداث والكشف عن جمال الروح التي تسكن داخل جسد «الأحدب» ينهض ضمير القارئ، ويشعر بالخجل من نفسه كونه شعر بالإشمئزاز ولو لبرهة من جسد هو من صنع الخالق، والذي هو وعاء لروح شفافة تحمل من الإنسانية والرقة ما يجعل جماله الداخلي يحجب أي دمامة، فتكون الرؤية من الداخل لا من الخارج.

كما أنه أبدع في وصف التدين الزائف المذموم الذي يٌحرم على صاحبه متع الحياة، كما في شخصية القس«فرولو» المتدين تدينًا خشن مصمت، يفتقر للرحمة، والذي كان بعيدًا كل البعد عن الإيمان الحقيقي والعدل، بعيدًا عن التدين الصحيح الذي يهذب الحواس ويرتقي بالنفس، ويهدئ من فوران الشهوة، التدين الجمالي الذي يوشح الروح ويزخرفها، كما توشح جدران الكنائس والمساجد والمعابد في ليالي وايام الأعياد المقدسة.

وبرؤية فلسفية ومن خلال الشخصيات يعرض هوجو انواع الحب، الذي يشبه الشجر الذي منه الطيب،ومنه الخبيث

فيعقد مقارنة بين حب "كوازيمودو" لأزميرالدا، الحب الذي يفني فيه المحبوب روحه وجسده فداء للمحبوب، وحب "فرولو" الأناني الذي يمارس فيه المحب سيادته وساديته على محبوبته.

أنتهي من الرواية وأنا مبهورة الأنفاس، فما أجمل الحرف الذي يفتعل حريقًا حتى يشب بعدها الدفء في القلب، ويهدأ

فاللغة طاقة وهي التي تبني رؤيتنا على العالم ورؤية أنفسنا من الداخل، وتفتح آفاقًا أخرى على ذواتنا وتنقلنا إلى رحاب أوسع فتنقلنا إلى اللا منتهى حيث الخلود السرمدي...

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق