إيلينا تعرف > مراجعات رواية إيلينا تعرف > مراجعة Raeda Niroukh

إيلينا تعرف - كلاوديا بينيرو, نهى مصطفى
تحميل الكتاب

إيلينا تعرف

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

إيلينا تعرف

هل حقاً نعرف ما نتصور أننا نعرفه؟ أم أن الأمر كله يتوقف على( وهم المعرفة)؟

إن كانت المعضلة التي طرحتها رواية " فقهاء الظلام" هي المعرفة مقابل التجربة، فإن رواية إيلينا تعرف، تشكك في معرفتنا التي نمتلكها بالأساس.

ما بين المعرفة و " توهم المعرفة" تدور أحداث الرواية، فهل نرى الكون كما هو أم نرى نسختنا من ظلاله؟

إيلينا سيدة عجوز مصابة بمرحلة متقدمة جداً من مرض باركنسون، تفقد ابنتها ريتا الأربعينية، في حادثة انتحار ، وجدها صبية متدلية من جرس الكنيسة، لكن ايلينا لا تصدق ان ابنتها انتحرت، فهي " تعرف" ان ريتا لا يمكنها أن تقترب من الكنيسة في يوم ممطر، ويوم موتها كان المطر ينزف من السماء.

على أساس تلك المعرفة، تبدأ إيلينا تحقيقها الخاص، و تبدأ مشوارها لزيارة سيدة انقذتها هي و ريتا من الاجهاض قبل عشرين عاما، كانت تعرف أن السيدة لابد أن ترد لها دينها، وتشعر بالامتنان لمعروفها، وهنا كانت المفاجأة التي غيرت سير الأحداث ، اترك لكم اكتشافها.

تصرّ الكاتبة على تذكيرنا بيقينية معرفة إيلينا، فهذه المعرفة هي كل ما تملك، بعد أن فقدت كل شيء في حياتها: جسدها الذي لا يطيعها ، عبر تصلباته، ابنتها التي كانت تتشاجر معها صبح مساء، تتبادلان سياط الكلام اللاسعة، التي تخدش أرق المشاعر، وتعيد تشكيل مفهوم جديد لعلاقة الأبناء بوالديهم.

لكن ماذا يحدث حين تتكشف أن يقينك هذا.. كنزك الثمين.. معرفتك .. هي مجرد وهم!

أي ثقة بالنفس ساعتها ستبقى لديك! قد اتفهم خسارة البعض للمال، فهو قد يعوض( أو لا يعوض) ، أو خسارته لعمل ، أو صديق .. لكن حين يتعلق الأمر بفقدان اليقين بأن ما كنت تؤمن به، تعتقده، ما بنى تصورك عن نفسك وعن الاخرين هو مجرد وهم، عندها تكون الطامة، لإنها تمس ثقتك بنفسك، بقدرتك على الحكم على الأشياء، تمس نرجسيتك.. تمسي أناك جريحة، متخوفة من ذاتها فكيف لها أن تعلم أن ما تعلمه هو صحيح، وليس مجرد وهم متخيل؟

كيف لها أن تثق حينها في قدرتها على الحكم على الأشياء ، أو اتخاذ قرار ما؟

لذا، نرى أن أصعب الأشخاص مراساً في الحياة هو من فقده يقينه في أمر ما كان يشكل له أساسا في حياته: دينه، حزبه، قوميته، ثقافته.. أي أنه فقد ما يجعل منه هو هو.

وتبدأ مرحلة من السيولة بدعوى اللايقين حتى لا يقع في فخ اليقين مرة أخرى، فتمسي جميع الامور مشكوكا فيها، نمتلك من الجهل بها بقدر ما نعرف ، وهنا ينتفي أصلا ادعاء المعرفة الكلية، فهي معرفة نسبية ، بحدود ما تكشّف لنا، وهذه المعرفة الجزئية متقلبة حسب الظروف و الاحكام… حتى نفضل أن نقول إننا لا نعرف إن كنا نعرف أم لا.

ولكن كيف لنا أن نتحقق من المعرفة؟ وهنا أقصد المعرفة التي تخص معرفتنا بأنفسنا و بالآخرين؟

إن كان الحديث عن الذات و تمظهراتها يستوجب منا الإيمان بأننا ذوات متعددة بتعدد من يرانا، أي أن لكل فرد ممن يتعامل معنا صورة متشكلة عنا، بناء ما أظهرنا له منا، فبذا فالاخرون ايضا يمتلكون جزءاً من المعرفة عنا لا كلاً متكاملاً.

والذات بدورها تحتاج إلى تشكيل صورة عن معرفتها لذاتها، يتشكل من يقينها بأنها تعرف نفسها أكثر من غيرها، ولكن تحدث الصدمة حين تتعارض هذه الصورة الموهومة مع تصور الآخر و تتكرر.

كيف لي أن أعرف ما أعرفه هو حقاً ما هو عليه؟ فكرة اخضاع معرفتنا للتجربة امر رائع، لكن لنتخيل تطبيق الأمر في كل جزئية في علاقتنا مع الآخر ، ما الذي يحدث؟

حالة من الشكوكية المطلقة التي لابد ان يستشعرها الاخر، ويرفض معها أن يكون فأر اختبار لمعرفة ظنية، لذا فما أن يتسرب هذا الشعور حتى تفشل العلاقة مهما كان نوعها.

إن كانت اليقينية فخ الجهلاء فإن الشكوكية المطلقة تحول المرء الى كائن متحفز وكأنه يجلس فوق فوهة بركان.. مضطرب لا يقوى على الانتظار للتأكد من معرفته و صدقها.. وفي خضم ذلك تراه فقد نفسه.. ومن حوله..

اذا ما الحل؟ لا أدري.. فعليا لا يمكنني العيش بدون ثقة بأن ما اعرفه هو ما هو في الواقع ايضا..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق