أوراق شمعون المصري

أسامة عبد الرؤوف الشاذلي

“فهذا خِتامُ ما كتبَهُ "شمعون بن زخاري"، والملقب بشَمْعون المَصْري، عن أخبارِ بني إسرائيل في برية سين، وما كان من أمرِهم منذ عبور البحر وحتى وفاة موسى بن عمران. وأعلم أني ما كتبت في هذه الرقاع إلا أحَدَ أمرين، أمر شهدته بعيني أو أمر سمعته من رجل من الرجال الثِّقات. وأُشِهد الربَّ (إيل)، أني ما بغيْتُ بهذا الكتاب مجدًا ولا شرفًا، وإنما إظهار شهادتي على جيل من شعب بني إسرائيل، اصطفاه الله وأنجاه بمعجزة من عدوِّه، ثم غضب عليه وأهلكه في تلك البرية الفقراء، بعد أن أذاقه شقاء الارتحال ومرارة التيه. هذا كتاب لا أدري من سيكون قارئه، فأيًا من تكن أرجو أن تتذكر كاتب هذه الأبواب بالرحمة وأن تَدعو له بالغفران" شمعون بن زخاري بن روبين الملقب بشمعون المصري تم في الليلة الأخيرة من الشهر الثامن لسنة ستين بعد الخروج””

“’أتدري يا بني؛ إن الحياة في الصحراء هي الفطرة، فالأصل في الحياة هو الحركة والتنقل من مكان إلى مكان، وحينما يُكثِر المرءُ من الترحال لا يتعلق قلبه بشيء ويدرك أن الحياة في ذاتها رحلة تنتهي، لتبدأ رحلة أخرى في مكان آخر، أما السكون فهو أصل الموت، ولا ينبغي للمرء أن يسكن إلا للراحة بين رحلتين. فالأصل في الحياة هو الحركة والتنقل من مكان إلى مكان، وحينما يُكثِر المرءُ من الترحال لا يتعلق قلبه بشيء ويدرك أن الحياة في ذاتها رحلة تنتهي، لتبدأ رحلة أخرى في مكان آخر، أما السكون فهو أصل الموت، ولا ينبغي للمرء أن يسكن إلا للراحة بين رحلتين”’

1. رحلة تاريخية حقيقية بين دفتي كتاب

من موقع ويكا اخذنا تاريخ الراوي والمؤلف مع التذكير ان قناة MBC ا اشترت حقوق الرواية لتحويلها الى مسلسل تاريخي

سمعان بن يعقوب (او شمعون باللغة العبرية هو أحد أبناء النبي يعقوب (إسرائيل) الاثنا عشر، واسم والدته هو ليئة بنت لا بان. حيث كان ليعقوب (ولقبه إسرائيل) اثنا عشر ولداً ذكراً (من بينهم يوسف) وابنة واحدة هي دينة. وهؤلاء الأبناء الاثنا عشر يدعون بني إسرائيل وهو راوي كتابنا من خلال مجموعة من الأوراق قام بكتابتها تحكي عن قومه بني إسرائيل والتيه وتشابك الأديان من خلال الكاتب المصري د. اسامة عبد الرؤوف الشاذلي، هو أستاذ جراحة العظام بكلية الطب بجامعة عين شمس، كما يعتبر أحد رواد جراحة القدم والكاحل في مصر والعالم العربي حيث نقلنا في اول كتاب قام بتأليفه عبر قصة تاريخية مبنية على احداث حصلت ومدن موجودة ومراجع موثقة وأسماء لشخصيات عاشت على هذه الأرض وكان لها دور فاعل في الاحداث عبر 614 صفحة وإصدار دار الرواق وطبعة سنة 2021.

2. تقسيم الرواية وشخصياتها التاريخية حسب الظهور

- الجزء الأول تحدث عن سيدنا موسى وخروج بنو إسرائيل من مصر، ومعجزة وشق البحر ونهاية فرعون حيث خرج معهم زاخاي الذي تزوج فتاة مصرية وكانت علاقة الام ليئة والأب جيدة انجبوا ابنهم شمعون ناقل الرواية لنا عبر المخطوطات وكان زاخاي كبيرا في قومه حيث صنع تابوت العهد الذي وضعت به الالواح وعمل على بناء البيوت فكان بيته اول بيت بني بالصحراء لكننا نعرف من خلال القصص الدينية وآيات القران الكريم أن شعب بني إسرائيل كان متمردا واستحق العقاب بالتيه على تمرده، لكن لم تُعرف من خلال القصص الديني أسباب هذا التمرد، ودوافعه، خصوصا وأن مقاومة التغيير سلوك بشري متكرر في كل المجتمعات قديما وحديثا، ودراسة هذا السلوك تعطي فكرة جيدة عن تلك المجتمعات في العصر الحالي لذلك عاند بنو إسرائيل موسى وعبدو العجل وقصة المسخ الى قردة وكيف وصلوا الى الصحراء وهنا نتساءل هل كان المقصود دراسة التاريخ واخبارنا بقصص نحن نعرفها؟ ام أرد الكاتب ان نعرف جوهر الايمان وعلاقة الانسان بالله سبحانه حيث أكثر بنو إسرائيل من الجدل فكثرت الأوامر والنواهي فالإنسان بطبعه انسان جدلي لا يؤمن الا عند رؤية العذاب الأليم ولهذا عاقب الله سبحانه بنو إسرائيل بالتيه مع وجود الصالحين لأنهم عصوا أوامر سيدنا موسى وأخيه هاروون.

- الجزء الثاني: بدء رحلة التيه - الشيخ عابر

لم يكن الخروج الأول حيث خرج شمعون مع والده قبل فتنة العجل عندما ذهب سيدنا موسى للقاء الله سبحانه وتأخر في العودة شعر والده ان بنو إسرائيل سيدخلون في فتنة فأعلن الخروج واتجه الى الصحراء وتعرف بالشيخ عابر من احفاد اسماعيل وابنته أروي الطفلة السمراء التي ستصبح زوجته لاحقا قبل ان يعود الى الصحراء بعد انتهاء فتنة العجل ويشهد موت والده الذي مات مقهورا على الحال الذي وصلوا اليه خاصة بعد وفاة سيدنا موسى وتشتت الشعب بالصحراء.

وهنا نلاحظ ان الأسباب التي أدت بشمعون الى الرحيل وترك شعبه هي رؤيته للشريعة بانها أوامر وتكليفات ومعاقبة من إله يتميز بالجبروت مع شعبه لذلك توجه الى قبائل العرب احفاد اسماعيل عند الشيخ عابر الذي من خلاله يتعرف على معاني جديدة للإيمان، بعيدا عن عقيدة بني إسرائيل التي ترتكز على الأوامر والنواهي إلى عقيدة أساسها عبادة الله بدافع المحبة والوجل. عرف من خلالها رحمة الله بعبده ومحلته لهم وحدث هذا في طور انتقال شمعون من مرحلة الطفولة والصبي إلى مرحلة النضج. أثرت رحلته مع الكنعانيين في ترحالهم من برية سين نحو بكة او مكة حيث الكعبة التي بناها سيدنا إبراهيم وإسماعيل ساعدت في صقل شخصية شمعون المصري وعقائديته. من خلال ممارسة اركان الحج مع الشيخ عابر واختياره البقاء في بكة كما أنه يقع في الحب لأول مرة مع حفيدة الشيخ عابر إلا أن ارتباطه بها لن يكون سهلا نظرا لأصله العبراني.

- الجزء الثالث التعود والصحبة والمحبة

كانت علاقة الشيخ عابر وشمعون قائمة على المحبة ولقد تحدث الجزء عن العلاقة بين الشيخ عابر وشمعون وقوتها فكان له المرشد بعد ما فقد أهله وفقد صحبة نبي الله موسى، وعبر به من التيه وحيرته إلى اليقين وطمأنينته وكذلك الزواج من أروى وإنجاب الولد، ابرام او إبراهيم ليجمع الديانتين بعد أن كان يتيما بلا عائلة أصبح له عائلة وصهر ونسب.ـ ممارسته لمهنة والده في النجارة و انتقاله من حالة العدم المادي إلى الكفاف ثم الغنى إثر المال الذي وهبه له عمرو بن الحارث الجهمي حين انقذ حياته بعد هزيمته من قبل خزاعة بالإضافة الى الحديث عن الاحداث التي عصفت بالجزيرة العربية ومكة ويثرب والقبائل .هذا الجزء خصص للمدة التي أقامها شمعون في مكة و الأحداث الجسام التي صارت في هذه السنين أبرزها التقاتل الذي وقع بين قبيلتي جرهم و خزاعة على السيادة في مكة و تولي سقاية و وفادة الحجيج [نقد للتعصب و القبائلية و التفاخر بالأصل و الأنساب] مما أدى إلى إراقة الدماء بالبيت الحرام على عظمة هذا الأمر و طمر بئر زمزم رغم رمزيها و قدسيتها. من قبل جرهم وصولا إلى نصب الأزلام ونصب هبل أمام الكعبة المشرفة والحياد عن شريعة التوحيد إلى الشرك بالله حيث عمد عمرو بن لحي الى نصب الازلام هبل واساف حول الكعبة ليضمن سيطرته على مكة بعد توليه السيادة وهو اول من كسر عبادة التوحيد مع الحديث عن العلاقة بليث وعامر وشهور حيث ألف الله بين قلوبهم فتحول من غريب عنهم لواحد منهم له قدر ومكانة. في إشارة إلى جوهر العلاقات الإنسانية، بين وحدة البشر وتقارب العقائد السماوية لان الدين عند الله الإسلام.

- الجزء الرابع النهاية

قرر شمعون أن يترك بني إسرائيل وكان قد حدد وجهته بالفعل وذلك بعد أن أدرك أن السعادة تكمن في تحقيق الغايات وليس الأحلام، وبعد أن أنهى صلاته في خيمة الاجتماع احتضنه شهبور وقد فاضت عيناه بالدموع، ولكن قبل أن يودعه قد سلّمه أوراقه التي ظل يكتبها وأخبره أنهم إن وصلوا إلى الأرض المقدسة فعليه أن يدفنها في ثراها حتى تكون ذكرى بني زخاري باقية في الأرض المقدسة

وأخيرا تاه شمعون تيها على تيه، فتاه عن بني إسرائيل في رحلة تيه خاصة به، ولكن كانت الرحلة التي تعرف فيها على الله، وانمحت بداخله فكرة بني إسرائيل عن الله بأنه الجبار القادر المنتقم فقط، فجاءه العابر ليعلم وجه الله اللطيف العفو الحكيم. جعل الكاتب الاحداث كأنها حصلت في الزمن الحاضر الان جعلنا نعيش كل الحالات والحروب نع شمعون الحب والحرب والتيه وكل الأشياء.