اغتيال قوت القلوب الدمرداشية - سيدة القصر > مراجعات كتاب اغتيال قوت القلوب الدمرداشية - سيدة القصر > مراجعة Mohamed Osama

اغتيال قوت القلوب الدمرداشية - سيدة القصر - سهير عبد الحميد
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

#ريفيوهات

"اغتيال قوت القلوب الدمرداشية.....رثاء على واسطة العقد "

مما قرأته في هذا الكتاب- الذي قدم الوقائع بأسلوب خفيف وبتحليل مقنع بعرض وجهات النظر المختلفة للحدث الواحد "كقصة حب قوت هانم بالصحفي محمود أبو الفتح"، بالإضافة إلى وصف حاولت فيه الكاتبة ملامسة روح المكان المنزوية بين أحجار المسجد الخالي والخلوات الصوفية وحتى رداء شيخ الطريقة الدمرداشية، والتي ترثي نفسها بعرض حكايات سابقة كانت شاهدة عليها "وهي طريقة محببة إليّ في سرد الأحداث التاريخية رأيت مثلها في مقالات من كتاب خريدة القاهرة لد.حامد محمد حامد " لا أجد ما يجمع حياة قوت القلوب المتوازنة- رغم ما بداخلها من تناقضات - من نشأتها ونظرتها للمجتمع في رواياتها وقصة حبها الغريبة إلى نهايتها المأساوية إلى بيت قاله ابن الرومي في رثائه الشهير:

توخى حِمام الموت أوسط صبيتي...فلله كيف اختار واسطة العقد

-قد يبدو غريبا، ولكن لا عجب؛ فالبيت وإن كان مضمونه إظهار مدى مصيبة ابن الرومي في ولده، فهو في رأيي يعبر في كل جزء فيه عن فلسفة معينة عن معنى الموت أو قدرته على الاختيار هنا وما هيّة الوسط، وكل هذا سارت على دربه حياة سيدة وطريقة بأكملها

-توازن ميت وفرد خارج الصورة

- من جهات عدة نرى بداية الطريقة الدمرداشية وشيوخها حسب ما تم سرده في الكتاب، يقفون في الوسط بين مجتمعين "الأول يحب الصوفية ويراها أساس الحياة ومكملها ويغالي في اعتقاده بها، والثاني يراها ضربا من خرافات تضل صاحبها ويغالي في بغضها" وكذلك بين شيوخها وعلاقتهم بالسلاطين كمؤسس الطريقة شمس الدين المحمدي التي بفعاله أسكنت السلطان قايتباي وجعله مقربا إليه، وهي أيضا ما جعلت السلطان العثماني سليم الأول يقدره ويحترمه، نراها أيضا توازنا أمام عصر شديد التقلب، إلى أن نصل لمريدي الطريقة وشيوخها "إذ أنهم كما ذكرت الكاتبة من أرباب الحرف والعلماء والتجار فضلا عن شيوخها أساتذة الجامعات" وهذا يضعنا إلى توازن بين الصوفية التي يتعلق بها الفقراء لأنها تفصلهم عن واقعهم، ونظرة العلم الجامدة التي لا تعتبر وجوده "التصوف" مهما، أو توازن آخر بين الشرق والغرب.

- وفي هذا التعلق بين الفئات العدة، نرى أن الطريقة تماثل قول ابن الرومي، فالوقوف بين عتبتين هنا "أو الوقوف على الحياد بصورة أقرب " يظهر معرفة قوية للواقف بين فئتين متصارعتين، ويستطيع أيضا تكوين صورة دقيقة كاملة يطلع من خلالها على حجج كل فئة ومزاياها وعيوبها ويوازن بينهما على حسب قناعاته ومستندا على تجربته دون تحيز وانغماس لطريق على حساب آخر، وكذا وضع ابن الرومي ولده "واسطة العقد" لأنه يراه قد جمع بين طفولته التي انقضت وشبابه ورجولته الذي يراه في أخوته وأبيه، فكان بين هذا وذاك

❞ ‫ فحين ذهب إليه الشيخ الدمرداش بهدية من السلطان قايتباي وكان بصحبته الشيخان: كريم الدين «المدفون بزاويته المعروفة بجامع الخلوتي بالقرب من قنطرة سنقر، والشيخ شاهين «المدفون بسفح المقطم بالقرب من عمر بن الفارض» ‫ حين ذهب الشيوخ الثلاثة إلى الشيخ الحضرمي بالهدية إذا به يضغط عليها بأصابعه فأقترت دماً، وهو درس عملي على عدم قبول الهدايا. ❝

- أما عن الموت، فيسهل من البيت معرفة أن تمام المعرفة تحدث بالخروج عن الصورة، مثلما كان ولد ابن الرومي الواسطة بين حياة قد اكتملت وموت مقبل، أي وببساطة نتيجة وقوف الطريقة في المنتصف أغلب الوقت فإنها تبتعد عن أعين المتعصبين أو هواة قراءة الصراعات والذين يرون الحياة لا تقبل إلا صراع بين أبيض وأسود، فلا يرون الشيخ شمس الدين المحمدي مؤسس الطريقة وما ناله من حفاوة بقدر الشيخ خضر "صوفي قربه الظاهر بيبرس لحاشيته وسمى أحد أولاده باسمه " وأفعاله العجيبة ومناكفته للمماليك أيام الظاهر بيبرس، وبذلك تكون تلك الوقائع مشطوبة في نظرهم، أماتها نسيانهم أعني، ولا تضح حقيقتها إلا بأعين باحثة متعمقة ومبتعدة عن أقطاب الصراعات

"ولنا مريدون من مختلف الأديان والجنسيات، وقد زارنا أحد الآباء المسيحيين في رمضان الماضي، ولما شاهد الخلوة قال لي إنها تشبه القلاية الخاصة به "

-- واسطة العقد "كاميرا قوت هانم "

- لا تكتمل النظرة -بلا شك- إلا بصاحبة الكتاب، ففي تناقضها بين نشأة أرستقراطية وبين تربية شرقية بمسحة صوفية، يولد شعور الوسطية حينا بين حفلات لوجهاء ومثقفي البلد وبين الميل إلى الزهد في الإحسان والتقرب إلى الفقراء والمرضى، وبين تحليق أحيان أخرى وكأن النقيضين جناحين يجعلانها ترى صورة مجتمع كامل تسردها في رواياتها، تنقله بكامل ما فيه من عادات وتقاليد صحيحة منها أو غريبة، وأيضا تجمع فيها بين الماضي وحال المرأة فيه "باعتبارها في نظرها جارية أو أداة لإنجاب الولد" ومقتضيات حاضرها من دعوات لتحرر المرأة

-ولعل ذلك التحليق مبررا لاستخدامها للغة غربية "الفرنسية" تعبر عن واقع شرقي، وبهذا قد أخفت نفسها في سبيل بناء صورة فيها مزيج من كل شيء كما كانت بدون نقصان دون فرض لشخصيتها أو بصمة قوية "وفي ذلك موت ربما"

ولعل ذلك أيضا الذي طبعا أثرا في قصة حبها بالصحفي محمود أبو الفتح "لأنه كان كسرا للعادة وفي نفس الوقت حبا هادئا عفيفا" لم يعجب البعض كالصحفي سيد أبو النجا الذي أحب أن يضيف بعض من التشويق في القصة رغم هدوئها في كونها معلقة

-محاولة على نظام بلا عقد

-ولأن لكل شيء نهاية، فبعض العصور لا يقبل رجالها فكرة الوسط والتوازن، تخشى منه ومن تقلب صاحبه، وهنا نفهم تهاوي قوت القلوب هانم أمام ضباط ثورة يوليو- والذي امتد إلى بغض لما يخصها من أبنية وقصور- والذي بسببه تتبدل حالها شيئا فشيئا بهبوط مأساوي، لتموت غريبة تحاول التشبث بآخر ذكرياتها رغم انتهاء كل شيء

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق