إيلينا تعرف > مراجعات رواية إيلينا تعرف > مراجعة Shehab El-Din Nasr

إيلينا تعرف - كلاوديا بينيرو, نهى مصطفى
تحميل الكتاب

إيلينا تعرف

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

أنها تعرف أنه لا عودة من الموت، سواء كانت موضوعة في نعش من خشب البلزط أو نعش مصنوع من خشب البلسا..

إيلينا تعرف؟ فماذا تعرف إيلينا؟ وهل تعرف إيلينا كل شيء؟ إيلينا أم لريتا؟ فهل تعرف جميع الأمهات أبنائهن بحق؟ فماذا تعرف إيلينا عن ريتا؟، ولا يكفي ما تظن أنها تعرفه عن ريتا؟ هل تعرف ريتا أمها إيلينا؟. إنها الفجوة الدائمة بين الأباء والأبناء. اذكر إني قرأت لأكثر من مرة عن المعاملة والطقوس بين الأباء والأبناء، لكن هذه الرواية هي الأميز إلى الأن.

❞ يأتي وقت لنا لنرد ما قدمه لنا آباؤنا، فهي تحتاجك مثلما كنت تحتاجين إليها منذ سنوات، يجب أن تكوني أمًا لوالدتك يا «ريتا»، لأن «إيلينا» التي نعرفها ستتحول إلى طفلة. ❝

أنت في رحلة مع إيلينا ومرض الباركنسون، ومن منكم لا يعرفه فهو المرض الشهير الذي أصيب به محمد علي كلاي في أواخر اعوامه، وهو مرض من أمراض الخلل الحركي الذي يصاب به كبار السن في الأغلب مع تقدم العمر. ومعروف بأسم الشلل الرعاش. ولا يمكن أن أتخيل ابداً كيف كتبت كلاوديا تلك الرواية دون أن تكون عاشت مع شخص مصاب بذلك المرض. أتقنته لدرجة واسعة.

إيلينا تعرف ابنتها جيدًا، "أو هكذا تعتقد إيلينا، لأنها والدتها، أو كانت والدتها. تعتقد إيلينا أن الأمومة تأتي مع أشياء معينة؛ الأم تعرف طفلها، الأم تعرفه، الأم تحبه. هكذا يقولون، هكذا هو الأمر. لقد أحبت ابنتها ولا تزال تحبها رغم أنها لم تقل لها ذلك مطلقًا، رغم أنهما كانتا تتعاركان وتبتعدان عن بعضهما، رغم أن كلامهما معًا كان مثل ضربات السوط، حتى لو لم تعانق ابنتها أو تقبلها، فقد شعرت بحب الأم".

إيلينا كانت واحدة من هؤلاء النساء اللتي يبدو عليهم عامهم التسعين وهم في الثالث والستين فقط من عمرهم، إنه المرض وما يفعله بأجسادهن، إنه الباركنسون، وما أدراك ما الباركنسون. بفضل عملي أتعامل عن كثب وقرب مع هؤلاء المرضى في مرحلة التأهيل، في رحلة علاجهم اللانهائية وتدهور مرضهم اللا إرادي، رحم الله كل جسد يتألم.

❞ يمكنهم إخبارك عشرات المرات بما ستشعرين به عند إصابتك بمرض «باركنسون»، بكلمات دقيقة وصور، وبكافة التفاصيل، لكنكِ لن تعرفي الحقيقة إلا عندما يكون المرض داخل جسدك يمكنك عندها أن تتخيلي الألم والإحساس بالذنب، والعار، والإذلال لكنك لن تعرفي شيئًا ما ❝

ولذلك كان جسد إيلينا يتألم، يعوق حركتها، لكن إيلينا كانت تريد الحياة، مهما حدث كانت تريد الحياة؟ فهل كانت تريد ريتا تلك الحياة لأمها؟ هل ستظل ريتا أماً لأمها بعد الحياة؟

تقول ريتا:

’’ ❞ طفلة، ماذا تقول يا دكتور؟ الأطفال جذابون، الأطفال لديهم بشرة ناعمة بيضاء، لعابهم نقي، يتعلم جسد الطفل الجلوس والوقوف، ويومًا ما سيتعلم المشي، ويحصل على أسنان جديدة بيضاء وصحية ما تمر به والدتي هو عكس ذلك تماماً، بدلا من أن تتعلم التحكم في عضلاتها، فإنها ستتبول وتتبرز لا إرادياً، بدلاً من أن تتعلم الحديث، ستصبح صامتة، بدلا من الوقوف مفرودة الجسم، ستصبح منحنية أكثر فأكثر. وانا محكوم عليً أن أشاهدها وجسدها يموت دون أن تموت..

لا يادكتور أمي لن تصبح طفلة، ولا أعتقد أنني أستطيع أن اصبح الأم التي تطلب مني أن اكونها لأمي. ❞

هل قتلت إيلينا ريتا بمرضها؟ هل انتحرت ريتا أم قتُلت؟ حسناً فالسماء كانت تمطر

إيلينا تعرف أنه لا يمكن لابنتها أن تنتحر وتشنق نفسها عند البرج. فالسماء كانت تمطر. وإيلينا لا تذهب للقداس ابداً والسماء تمطر

حسناً هكذا كانت تعتقد إيلينا. ومن هنا تبدأ القصة، والجزء الأمتع في القصة، ستذهب إيلينا وراء الحقيقة ستذهب إيلينا لتعرف، لكنها هل ستعرف؟ ولأن إيلينا تظن أنها تعرف ستبحث عما لا تعرفه فمن قتل ابنتها إذاً؟

’’ ايلينا تعرف ان من يحملون ذاكرة ممتلئة بالتفاصيل هم فقط الشجعان، والجبن او الشجاعة ليس شيئاً يمكن للمرء أن يختاره ’’

ولأن إيلينا كانت تقدس الذاكرة، ستبحث في ذاكرتها الهرمة، ذاكرتها الضعيفة جداً عن ما كانت تحمله ريتا في جوفها. فالجزء الأكبر من الرواية كان تحت نمط أدب الجريمة؟ لكن هل كتبت كلاوديا لأجل الجريمة؟ أظن لا، فكلاوديا بينيرو هي واحدة من أشهر كتاب الارجنتين حالياً، وربما اشتهرت بأدب الجريمة، لكنها لا تكتب لأجل الجريمة في الأساس، هي تكتب لأجل المجتمع والمرأة.

فكانت تقول كلاوديا بينيور في أحد المؤتمرات العالمية:

إنه من المستحيل كتابة رواية عن الجريمة دون الكتابة ايضاً عن المجتمع الذي وقعت فيه الجريمة.

ولقد ظهر أدب الجريمة للتنديد بالظلم

اثناء أحداث الجريمة الغامضة ستذهب مع إيلينا في رحلة أولاً مع مرضها، وثانيا مع المعتقدات الخاطئة والمتشددة للمجتمع الأرجنتيني، والجزء الرئيسي هو تعامل المجتمع مع مرضى الباركنسون وكل ذوي الاحتياجات الخاصة.

المشهد الأفضل في الرواية على الإطلاق حيث كانت تبكي إيلينا في أحد الفصول بعد حصولها على شهادة المعاقين، وعندما يسألوها لماذا تبكي تقول " لقد عاملوني بلطف "

لقد جعلتها تبكي تلك المعاملة، وجعلني أبكي ذلك المشهد، فقد تذكرت به الكثير من أصحاب كبار السن الذين فقط يبتغون معاملة حسنة قبل موتهم، وأن المرض ليس ذنبهم ابداً. وتذكرت جدي الذي غادر عالمنا منذ شهرين فقط، رحمه الله لقد أجتمع به لطف رجال الأرض. رحمه الله كان حنوناً طيباً.

أما بعد، في تلك الرحلة الشاقة رغم قصرها نوعاً ما. ستخوض في المجتمع الأرجنتيني والأحياء الارجنتينة، ستخوض مع كلاودينيا في نفسية إيلينا بإتقان، ونفسية ريتا بتمعن غير مسبق.

❞ لم أكن أعانق ابنتي كثيرًا عندما كانت بقيد الحياة، ولا أستطيع فعل ذلك الآن، لأنها ماتت، لأن جسدها في الأرض، وكلنا من تراب وإليه سنعود مرة أخرى، كما قال زوجي، هذا مؤلم. هذا مؤلم. ❝

وتبدأ إيلينا تتسائل؟ من هي؟ فلقد فقدت ابنتها وليس العكس، فمن يفقد أبويه يسمى يتيم أما إيلينا فما أسمها بعد؟

أنا شيء آخر ليس له اسم..

ومن هنا قررت إيلينا أن تختبر جسدها الأصم، لمعرفة حقيقة لم تعرفها بعد.

إيلينا تعرف أن جسدها الأصم محاط بآذان صماء أكثر صمماً من قدميها عندما لا تمشي أناسٌ صمٌ يقولون إنهم يفهمون رغم أنهم يرفضون الاستماع.

❞ - لم أكن أمًا على الإطلاق رغم أنك حاولت إجباري على أن أكون أمًا. سيكون من المناسب الآن، بعد عشرين عامًا، أن تتمكني أخيرًا من فهم ذلك. ❝

المغزى الأصلي من الرواية ربما يختلف معه الكثير، وانا أيضاً أختلف معه، لكن تتحدث كلاودينيا عن حق المرأة في الإجهاض، وعن معاناة الأمهات اللواتي لم يكونوا أمهات بحق ولو يوم. إنهن يعانون بلا شك، فهل كان الإجهاض حقاً مشروعاً لهن؟ من هنا تحارب كلاودينيا الكنيسة الكاثيولكية والمجتمع الأرجنتيني المتمثل هنا في ريتا. ومن هنا تبحث كلاودينيا عن حق المرأة الضائع في الإجهاض. تتفق أم تختلف معه دينياً أو إجتماعياً، لكن لن تختلف في أن كلاودينيا طرحت الموضوع بصورة متقنة بحق. وبصورة تجعلك تتسائل هل كان هذا حق لهن؟ أم هو قتل لروح ليس من حقهم قتلها؟

❞ كلمة «مطلقًا» لا تنطبق على جنسنا البشري، فهناك كثير من الأشياء التي نعتقد أننا لن نفعلها أبدًا، ومع ذلك، عندما نجد أنفسنا في الموقف، نقوم بها. ❝"

حسناً كنت أخاف من المواجهة في الماضي، ولقد واجهتني بصورة لم أكن أريدها منذ فترة، والأن أصبحت أخشى المواجهة مرة أخرى. أخشى اليوم الذي ستختبرني فيه الحياة بشكل حقيقي، حيث أكون وحيداً بمفردي ولا أعرف أين ومن اكون؟

وهكذا كانت تخاف إيلينا المواجهة، وأخشاها ايضاً انا.

❞ اليوم الذي ستختبرنا فيه الحياة بشكل حقيقي وليست بروفة. في ذلك اليوم سوف ندرك أخيرًا أننا جميعًا بمفردنا، مجبرون على مواجهة أنفسنا، ولن يتبقى لنا أكاذيب نتشبث بها. ❝

تقول إيلينا: ماذا تفعل إن كان جسدك لا يطيعك.. ماذا يتبقى منك عندما يتعذر ذراعك على ارتداء سترة، ولا تستطيع قدمك أن تخطو خطوة ولا تستطيع رقبتك أن تستقيم بما يكفي للسماح لك بإظهار وجهك للعالم. فماذا يتبقى منك؟ ومع ذلك كانت إيلينا تريد الحياة، ولم تريد ريتا أن تعش.

إيلينا تعرف أن ابنتها قتلت إنها لا تعرف من فعلها أو لماذا. لا يمكنها معرفة الدافع ولا تستطيع رؤيته، فهل عليها أن تتقبل الأمر عندما يقول الطبيب الشرعي والمحقق إنه انتحار؟

النهاية، مشهد الختام في الرواية هو الأروع بلا شك، اثناء صفحات الرواية قبل الأخيرة، كنت اخشى النهاية، كنت أخشى ان تضيع الكاتبة مجهودها الجبار وإتقانها في النهاية، لكنها جعلتها بصورة أفضل بكثير مما توقعت. النهاية وحدها تحمل نصف جمال الرواية، لذلك أصبحت إيلينا بالفعل تعرف

❞ أو لأنها تعرف الآن،فهي لا تقول شيئًا، ولا تجيب، إنها تداعب هذا القط فقط. هذا يكفي اليوم، مداعبة القط. ربما غدًا، عندما تفتح عينيها وتتناول أول حبة في الصباح، ستعرف. أو عندما تأخذ الحبة الثانية. ربما. ❝

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق