"لكل إنسان حكايته التي لا يستطيع أحد أن يرويها عنه"

حكاية التيه من عيون شمعون الشاهد عليها الذي كان في ذلك الوقت طفل صغير.. أبوه من بني إسرائيل وأمه مصرية.. تبدأ الرواية بخروج النبي موسى عليه السلام من مصر ويتبعه بنو اسرائيل.. وانشقاق البحر لهم.. والأحداث التي قادتهم إلى التيه في برية سين..

"تذكرت قوله (إن من أنجانا من فرعون لن يهلكنا في البرية)، وأدركت على صغري أن الإيمان والعقل قد لا يجتمعان أحياناً"

يبدأ شمعون الصغير بكتابة سيرة حياته في أوراق كإثبات لوجودة، وتذكرة لمن يطالعها في المستقبل، أو لمن أراد أن يعرف الحقيقة خلف ما حدث.. "هذه الأوراق هي الشاهد الوحيد على حياتي؛ فكل ما يمر في حياتي متغير، إلا هذه الأوراق، فهي الشيء الثابت الوحيد الذي يربط بين حياتي الماضية وحياتي الحالية"

تاه بنو إسرائيل وتاه شمعون تيهاً أعظم .. "ليس التيه فقدان الأرض بل فقدان الأمل في لقاء الأهل والأحبة".. ولكن تيهه كان أعظم خير له بصحبة صحبها في رحلته.. "أدركت أن الوطن هو أرض تشعر فيها بالطمأنينة، وأن الأهل هم صحبة تشعر بينهم بالأمان".. هناك فقط وجد الإيمان في أحضان القبيلة التي كانت على شريعة النبي إبراهيم عليه السلام.. وكان مما أعجبني بهذه الرواية تداخل القصص بعضها ببعض.. ونرى كيف نضجت شخصية صديقنا شمعون..

كتبت الرواية باسلوب بسيط سهل غير متكلف.. وكان هذا من أحد سماتها الجميلة.. أن يسترسل القارئ بالقراءة دون أن يشعر حتى وإن كانت البداية مملة بعض الشيء..

شخصية شمعون.. كما قال عنه الشاذلي هو الشخصية المثالية التي نريد أن نكونها.. جاءت لتوضيح بعض الأشياء والأفكار التي دائماً ما يختلف عليها البشر..

أعجبني مراعاة المؤلف للقارئ والمعلومات التي لديه في الأصل.. وأن لايكون هناك أي صدام أو تعارض بين المعرفة السابقة وما كتبه في الرواية..

أكثر ما يبهرني بالأعمال هو الجهد المبذول عليها..