"ربما عليك أن تكلم أحدًا"

الكاتبة : لوري غوتليب

الصفحات : ٤٠٠ صفحة

التصنيف : علم نفس.

من أنت؟ ماذا تريد؟ كيف تتعامل مع مصاعب الحياة ومشاكلها؟ وعلى رأسهم نفسك التي بين جنبيك؟

في رائعة أشبه بالرواية منها إلى الكتاب تحكي لنا المعالجة النفسية لوري غوتليب قصة أربعة من البشر عبر صراعهم في الحياة:

جولي الشابة المصابة بالسرطان وتسعى لتجعل آخر أيامها حافلة بالحياة والذكرى.

جون الشخصية البغيضة الذي يظن كل من حوله أغبياء لنكتشف في نهاية الكتاب سبب هذا.

رينا سيدة في آواخر العمر تفكر في الانتحار لأنها تشعر أن حياتها ضاعت هباءً.

وأخيرًا قصة لوري الكاتبة نفسها مع قصة انفصال مؤلمة مرت بها وكشفت عن أزمات أكثر عمقاً لديها.

على مدار فصول الكتاب تتنقل لوري بين القصص الأربع بشكل شديد السلاسة مع كبسولات عن النفس البشرية ومتاهاتها المعقدة.

تفشل لوري في التعامل مع قلقها بنفسها لذا تذهب إلى معالج نفسي كي تتحدث معه وتبث مخاوفها الأكثر ظلامًا.

تختبر في هذا الكتاب شعور المعالج الذي بدوره يتعرض للعلاج لنغوص في أعماق النفس وكراهيتها للتغير حتى لو كان تغيير ما يؤذيها ، وتصحيح الكثير من المفاهيم حول العلاج النفسي وأنه لا يمتلك الإجابات بقدر ما ينير لكل شخص طريقه لفهم نفسه وعلاقته وطريقة تعامله مع الحياة.

كمان تختبر بنفس الدرجة شعور الشخص الذي يخضع للجلسات وفي هذا شئ مثير إذ تتوق لمعرفة مالذي يجري في الأبواب المغلقة وفي هذا العالم الرهيب الذي تسوده صور نمطية كثيرة عن شيزلونج وفرويد يجلس يدخن البايب ويسجل ملاحظاته ، هل هذا الكلام سليم حقًا؟

الكتاب غاية في الثراء وهو على عكس المتوقع يبتعد تماماً عن التحدث عن الأمراض أو المصطلحات الطبية أو الأدوية وخلافه بقدر ما يركز على التجربة الإنسانية بثرائها تارة وإحباطاتها تارات أخرى.

وأثناء الحكي كذلك تعرج الكاتبة على ما يفعله البشر في حياتهم واختلاف ردة أفعالهم وتراوحها بين التجنب والهروب أو التأقلم و حتى الإنكار.

ومحاولات التواصل بشكل أكثر سلامًا مع أنفسنا.

رغم أن الكتاب صُنف من الأفضل مبيعًا وهذه الكتب عادة ما يغلب عليها السطحية إلا أن الكتاب ابتعد تمامًا عن الابتذال.

بعض الاقتباسات العشوائية:

❞ لا تنبع السعادة من كيفيّة صيرورة الأمور على نحو جيّد، لكن ممّا إذا كانت الأمور تجري على نحو أفضل من المتوقّع ❝

❞ لكن كثيرين يأتون إلى العلاج سعيًا وراء ختام ساعديني على ألّا أشعر لكن ما يكتشفونه في نهاية المطاف هو أنّه لا يسعك أن تكتم انفعالًا أو شعورًا واحدًا من غير أن تكتم المشاعر الأخرى تريد أن تكتم الألم؟ ستكتم الفرح أيضاً.❝

❞ يماطل الناس أو يعيثون فسادًا بأنفسهم كطريقة لإبعاد شبح التغيير عنهم -حتى لو كان تغييرًا إيجابيًا- لأنّهم يتردّدون في التخلّي عن أمر ما من دون معرفة ما الذي سيحصلون عليه في المقابل. ❝

‏❞ المفارقة في التخريب الذاتي كشكل من أشكال السيطرة. إذا أفسدت حياتي، أستطيع أن أهندس وفاتي بدل أن أتركها تباغتني. إذا بقيت في علاقة فاشلة، إذا أفسدت مسيرتي المهنيّة، إذا اختبأت في الخوف بدل مواجهة ما ليس على ما يرام في جسدي، أستطيع أن أخلق موتًا حيًّا - لكنّه موت أصوّب فيه الطلقات بنفسي. ❝

كتاب ممتاز ويُنصح به.

‏