القراءة الثانية لسنان أنطون بعد روايته الرائعة
يا مريم
نعم أحسست أنى أقرأ سنان أنطون نفسه و ليس روايته تماما كما أحسست فى روايته السابقة و لم أطمئن هذه المرة لإحساسى بأن الرواية هى سيرة ذاتية مبكرة و لم أطمئن الا بعد أن وصلت لهذه العبارة فى آخر الرواية:-
يظل العراق هو الجرح الحى لأمتنا العربية و حالة خاصة فى التاريخ و الجغرافيا أيضا كونه لم يتعرض لإحتلال كما تعرض لإغتيال ترك آثاره فى الشجر و الحجر قبل أن يتركها فى الإنسان. الرواية فكرتها عبقرية و مجنونة فى الوقت ذاته فهو عراقى مهاجر يعود فى مهمة سريعة لوطنه الأم و تبدأ الحوارات تتداعى فى رأسه
لمحت عبارة
US Army Go Home
مكتوبة بصبغ أحمر على أحد الجدران.
أنا الذى سيعود إلى البلد الذى جاء منه ال)يو اس أرمى( و يبدو أنه سيبقى.
و فى حوار مع ابن عمته اثناء زيارته للعراق تتجلى المعضلة الأبدية:
ثم لم يلبث أن يبدأ فى مواجهة نفسه
هل جئت لأستعيد شيئا ما أم لأتأكد من ضياعه؟
يتأكد من ضياعه التام بعد أن يدرك أن الأشياء لم تعد كما هى بل و الأشخاص أيضا
أما الكبار اللذين كنت أعرفهم من قبل فبدا و كأن الزمن قد سحقهم بعرباته الثقيلة. كأن السنين العشر مرت عليهم أكثر من مرة ، رواحا و مجيئا. و تجرعوا كميات هائلة من الألم.
تنقلب الأحداث رأسا على عقب بعدما يقابل البطل الآخر أو ذلك الشخص الذى سيظهر و كأنه النسخة الأخرى منه أو شبح أفكاره بكل ما فيها من حيرة و تردد و تبدأ حينئذ ملامح المشروع تتبلور فى الرواية
لكن ماذا عن تاريخ الضحية؟ بل ضحية الضحية؟
تأريخ للدقيقة الأولى فى الحرب و ما فعلته أول قذيفة فى الشجر و الحجر لا الإنسان
أعجبتنى تلميحات الكاتب فى توصيف الطوابع و خصوصا طابع جمال عبد الناصر الذى كان غير واضح كالوحدة العربية و كأس العرب
تفوق سنان على نفسه فى الرواية و أبدع فى تضفير الأحداث كى لا تحس أبدا أنك تقرأ روايتين مختلفتين كما نجح فى الصعود الدرامى بالأحداث و أيضا بفلسفة و منطق الأشياء الا أننى كنت أتمنى أن يترك النهاية مفتوحة دون وضع اختيارات للنهاية كما فعل.
استمتعت جدا و أظن أنها ليست الا القراءة الأولى و لن تكون الأخيرة