أحلام نائل سويدان > مراجعات رواية أحلام نائل سويدان > مراجعة Fedaa El Rasole

أحلام نائل سويدان - أحمد عبد العزيز
تحميل الكتاب

أحلام نائل سويدان

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
2

من أشهر أزمات القُراء - برأيي - أثناء مطالعة اي نص والبدأ في قراءته هي المقدمات، المُقدمة إما أن تكون مُحفزة لانطباع جيد يوحي بالتفاؤل ناحية العمل والمواصلة في قراءتة، أو أنها ستكون عاملاً مُباشراً في ترك الرواية أو الكتاب والتوجة إلي مقروء آخر.

مُقدمة الرواية وبدايتها جميلتان للغاية، مُلغزتان بشكل كبير يجعلك مُطمئناً للجلوس علي مقعد الجاهل الذي لا يعرف إلي أين سيذهب بعد، وإلي أي اتجاه ستدور به رحي الكلمات، بداية مُبشرة جداً ومُتشابكة في أول خيط الأحداث لكنها توحي بالخير.

ليس سهلاً علي الإنسان أن يحيا طوال عمرة في حرب متواصلة لا هُدنة فيها ولا إجازات، يتأكد ذلك المعني بتفسير الكاتب الحقيقي بأن المعارك لها هيئات متنوعة لا تقتصر فقط علي ساحات القتال العسكري والحروب المُسلحة، فقد يكون وجودك في الدنيا ومُعايشتك لها زمناً طويلاً بمثابة تاريخ مليء بالنوازل والأزمات وإن كان يحتوي من الأفراح والمسرات أيضاً.

سرح نائل في شرفتة التي تُطل علي عالم مزعج مجنون، يختلف كُلياً عن ماضيه الذي وصفه بالقريب علي اتساع أزمانه وتباعد سنونه، ومن كل تفاصيل حياتة لم يستدعي شيئاً ولم يُثيره غير سؤال واحد واضح، هل يمكن للإنسان أن ينعم بالقليل من الهدوء بعد أن هلك في ساحات الحياة وتناثر ببطيء بين أزمنتها؟ أليس من حقي كبشري صال وجال في خضم هذه المعمعة البشرية أن يطمئن عقلي ويهدأ خاطري بعد كل ما حدث ؟!.

لم يرد نائل علي نفسه ولم يجد بعد إجابة تُرضي تسائلاته،

لكن القدر في الكثير من الأحيان يلعب معنا لعبة الضد، فبدلاً من أن ينال كل واحدٍ منا مُبتغاه، يُباغت كل شخص بما لا يهوي ولم يكن حتي في الحُسبان علي أكثر التقديرات سوءاً.

في بداية العمل ومع ميل نائل الدائم للنوستالجيا وشعورة الحاضر بالغُربة ووضع أسرتة المُشتت تلمست خيطاً درامياً للبدأ في قصة ليس لها علاقة إطلاقاً بما وجدته داخل العمل.

الولوج للبوابة التاريخية للعالم ليس سهلاً، لأن التاريخ مبني شاهق عتيق له آلاف الأبواب الخاصة بكل زمان وحدث، ولكن مهلاً، هل تتخيل يوماً ما أن يكون لديك فرصة للتنقل بين الأزمان؟ والسؤال الأكثر إلغازاً فهو ما الذي ستفعله إن أُتيحت لك هذه الفرصة؟، وإن كانت الأحداث التاريخية سِلسال يُكمل بعضه بعضاً ليكون له نتيجة يُبني عليها الحاضر ويُستشرف من خلالها المستقبل، فهل معني تحويل مُجريات الأحداث التاريخية السابقة أنه سيترتب عليه تغيير للحاضر والمُستقبل!.

فكرة مُرعبة وكبيرة، لكنها لذيذة بالطريقة التي عُرضت بها داخل العمل، فقد جعلت من الخيال نواة عرض من خلالها الكاتب أحداثاً تاريخية مختلفة داخل الرواية بشكل متنوع ومُكثف برفقة رحلات نائل.

الرواية مُتعددة الجوانب والأُطُر، وكل شخصية فيها مُختصة بعالم مختلف رغم اجتماعهم بسبب سياق الأحداث الذي وضعه الكاتب.

لكن العالم الحقيقي الذي ذُكِر بوضوح مُطابق للواقع هو عالم عز الدين، الكاتب المغمور الذي لا منجي له من مهالك الحياة إلا الكلمة، لذا كان ارتباطة بالكتابة لصيقاً وغير مُسبب إلي أن فرد الكاتب له مساحة دقيقة لإبراز شخصيتة بماضيها وحاضرها، لم يتوقف الأمر عند شرح دوافع الكاتب وهواجسة وعلاقتة بالكتابة وتأثيرها عليه، بل كانت قصة عز الدين طريقاً للولوج لعالم الوسط الثقافي بآفاته المُنتشرة كالمُبالغات الكبيرة والمُجاملات الفارغة الضخمة وجمودية العلاقة بين الكُتاب وبعضهم إلي حد وصل لتأدية الواجب في حفلات التوقيع والمناقشات دون أي مشاركة حقيقية فعالة تُثبت جديّة هذا الدعم.

غير ذلك فقد شملت هذه القصة بُعداً هاماً جداً متعلق بحقوق الملكية الفكرية والسرقات الإبداعية التي انتشرت وأصبحت تحدث بفجاجة في وقتنا الحالي، ولكن ( إذا عُرف السبب بطل العجب ) فالناظر إلي العقوبة القانونية لهذا الأمر سيعيث فساداً في الأدب بقلب مُطمئن.

العمل يحوي بداخلة أفكار مُختلفة لا تجتمع في عمل واحد لتضاد كل نوع من الأفكار مع الآخر، لكن الكاتب مشكوراً حاول الجمع بينهم بطريقة يكون فيها متعة وتجديد يسهل الانتقال بين العوالم والأحداث، لكن هذا لم يحدث بالكُلية - في رأيي - بسبب بعض النقاط التي أضعفت النص وجنبت عنه استيفاء المُتعة الكاملة.

شخصية نائل بهيئتها الواقعة في الرواية لا تُناسب إطلاقاً خط الأحداث الموضوعة فيه، فشخص محب للسكون والحياة بين جنبات الماضي لا يمكن أن يتحول فجأة لكتلة نشاط تروح وتجيء بطاقة أكبر من سنه وقدراته وطبيعة شخصيته، بعكس أن يكون نائل مثلاً شاباً في سن مناسب ومصاب بولع التاريخ وسبر أغوار عوالم المعرفة، شخصية بهذا النمط كانت ستكون مُلائمة أكثر لأجواء الرواية ومُتماشيه معها.

اختيار الأسلوب الحواري بالفُصحي بين شخصيات العمل لم يكن مُوفقاً - في رأيي - وغير مُناسب للكثير من مواطن الرواية، أيضاً الجُمل الرومانسية بين الأبطال نمطية غير محسوسة، مُفتقدة لحرارة المشاعر وتقديرات المواقف.

الاستعراض المعلوماتي للتاريخ داخل حبكة الرواية لم يوزع بشكل جيد بين المشاهد، فقد جري تكثيفة بشكل كبير ومتتابع في جلسات مُحددة في الغالب كانت بين نائل وشريف، دون مراعاة لأن هذا الكم الهائل من المعلومات يجب أن يوضع بطريقة - منطقية و مُناسبة - يستوعبها عقل المُتلقي علي مهل، سواء كان هذا المُتلقي نائل أو القارئ الذي يعايش المشهد.

كما ذكرت مُسبقاً أن ذلك كُله يمكن أن يوعز لتضاد الشخصيات مع اتساع عالم كل واحد فيهم وتعدد حكاياتهم، لذا كانت محاولة جمعهم في دائرة واحدة صعبة ومُجهدة، وتحتاج أسلوباً مُناسباً لدمج الأحداث وتبسيطها أكثر مما تضمنه العمل.

وإن كانت فكرة الرواية رائعة رغم ما فيها من الجوانب القليلة المُكتملة فنياً، فإن أسلوباً أنسب للحكي وطريقةً أفضل لرسم الشخصيات كانا سيجعلان لها هيئةً وموضعاً مُختلفين تماماً.

اقتباسات :-

في مرحلة من العمر، يشعر الإنسان بنوع من الغربة، عما كان يظنها حياته، يدرك في وقت من الأوقات أن حياته التي ظن أنه يعرفها جيداً، ويحبها، لم تكن سوي طريق بدأه منذ سنوات وأُجبر علي السير فيه دون وعي.

التاريخ ليس صفحات كتاب جامدة، التاريخ كائن حي ينبض بالأحداث، كلما استجد عليه حدث جديد ترتيب عليه أحداث عديدة لاحقه، أياً كان الحدث فهو ينتج تفاعلاً معه يدفع الأمور إلي نتيجة ما، وكلما تغيرت المدخلات أو الأحداث، تغيرت النتائج.

ربما كانت بعض الذكريات القابعة في عقولنا تنتظر أن نصنعها ونعيشها ونجعل منها ماض سعيد يصبح بدوره ذكري حالمة.

في كثير من الأحيان تصبح كلمات المجاملة أسوأ من الهجاء، وتغدو الابتسامات المصطنعة أبغض من التجهم في الوجوه.

#مسابقة_قراءات_قبل_المطبعة.

#دار_الرسم_بالكلمات.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
1 تعليقات