مُقَامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي > مراجعات رواية مُقَامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي > مراجعة Mohammed Makram

مُقَامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي - أحمد المرسي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

قال كاتب أخر في زمن أخر و ظروف أخرى أن

الموت عمل شاق

و هو كذلك بالفعل و لكن أليست الحياة أيضا عمل شاق؟ الكل يخشى الموت و أحمد المرسي هنا له رأي أخر:

❞ وفكر أن الموت لا يستحق هذا الخوف، إن ما يستحق الخوف أكثر هي الحياة. ❝

الرواية تنضح بالموت. بالفقد الذي لا يمكن تعويضه. بانقطاع الأمل و الرجاء مع التمسك بالأمنيات التي لا يمكن تحقيقها و التي لا تعدو كونها مقامرة أو مراهنات أو بلغة العام ألف و تسعمائة و عشرين: لوتريه.

❞ كان تجسيدًا لمفهوم الموت بلا قيمة، هل هناك موت بقيمة حتى يكون هناك موت بدونها؟ إن الحياة ذاتها عبث بلا هدف، إنه مثل الديك المذبوح؛ يرفرف وجسده يرتد بلا إرادة منه يمينًا ويسارًا بلا غاية؛ إن ما يحركه ليس روحه، ولكن طلوع روحه! ❝

أربعة شخصيات رئيسية يتجسد الموت أمام كل منهم:

فوزان الطحاوي و جثة والده على الجمل ماثلة أمام عينيه

❞ سيجدونه نائمًا على جانبه مثل الجنين مغمض العينين فاغرًا فاه، وقد ضم يديه إلى صدره، وسيظنون أنه كان يترجى الموت لإعطائه مهلة أخرى. ❝

سليم حقي: و هاجس موت زوجته

❞ لو رايحة تموت، تموت موتة ذواتي زي ما عاشت عيشة ذواتي! ❝

مرعي المصري: و شبح زينب

❞ عندما يقولون لك إنه مات، لن تتألم مباشرة؛ لأنك ستُكذِّب نفسك. ثم ستسأل: لماذا؟ وستغضب، وعندما لن تأتيك الإجابة ستصمت، ثم ستساوم. سيظهر الأمل الكاذب. سيقول لك إنه من الممكن أن يعود كل شيء كما كان.. ثم… ثم سيأتي الحزن لينقذك، سيترسب عميقًا في قلبك مثل مرساة، ولن يفارقك، لكنك ستعيش. ❝

الليدي ميتسي: و الرجاء الخائب بانتصار ابنها على الموت.

❞ أحيانًا تكون أمنياتنا غير المحققة هي ذريعتنا للاستمرار.

أنا أقول دائمًا إن الأمنيات مثل خيول السباق، يمكن أن يعيش الإنسان طوال عمره يراهن عليها، وهو يعلم أنه سيخسر، لكنه لا يملك مع شوقه للفوز إلا أن يفعل ذلك، دون أن يفقد الأمل، إنها أمنيات كاذبة، أمنيات خطرة يا مرعي أفندي.. تعلم يا مرعي أفندي! لو كانت الأمنيات خيولًا كنت اشتريتها.. ❝

حتى الشخصية الثانوية التي بدأ بها الكاتب روايته و اختتمها بها: غالب الطحاوي. هو أيضا يتمثل جثة والده التي يظن أن فوزان قاتله.

❞ دار حول نفسه وهو يلهث من أثر الركض، فرآه يسير وراءه بخطوات ثابتة سريعة كالهرولة دون أن يُصدر عبارة واحدة. يشبه الموت بحركته، ثابت واثق وعلى ملامحه ترتسم ملامح ملائكة العذاب! ❝

الكل يصارع الموت فهل سمعتم عن أحد يصرعه؟

❞ ما الموت؟ ربما سيعرف الآن. ❝

الجاه زائل. الجمال زائل. المال زائل. القوة زائلة. الصحة زائلة.

إذا ما الذي يتبقى لنا بعد كل ذلك؟

❞ لقد كان يعلم أن كل شيء انتهى، كان يرتعش والدموع متحجِّرة في عينيه، كان يقف في ثبات رجل يهدم حياته بنفسه راضيًا عن نهايته، لقد عاش سنوات وشهورًا في ذلك الجسد الذي لم يكن جسده، وتحدث بتلك الأحاديث التي لم تكن أحاديثه، وهو الآن يرفض كل ذلك. ❝

❞ لقد كانت آية في الجمال. تساءل أين ذهب كل هذا البريق؟ شعرها طويل كستنائي، مفروش بجوارها على الوسادة. بشرتها بيضاء حليبية، بملمس المخمل. وعيناها عسليتان، لم يرَ من قبلُ عينين بذلك الجمال. ❝

❞ لقد كان كل ذلك مجرد وهم، لقد ركض وراء السراب، أفسد كل هذا حياته، لم يتغير شيء، كيف كان موهومًا إلى تلك الدرجة، هل تستحق الأمنيات البعيدة كل تلك المخاطرة؟ هل تفعل الهشاشة كل ذلك؟ هل يمكن أن تخرب أمنية حياة إنسان؟ لماذا لم يقتل تلك الأحلام من البداية؟ لقد كانت كل الدلائل تقول إنه لا فائدة، ولكنه لم يقتلها! لماذا؟ هل لأنها جميلة، أم لأننا أضعف من أن نقتل أحلامنا السخيفة؟ ❝

❞ لم تفقد جمالها رغم سنها، هناك عطر يظل يفوح من المرأة كلما تقدمت بها السنوات، حتى وإن بدأت أوراق زهرتها بالذبول، يظل هذا الأريج يضوع منها، شيء ما في العينين واللفتات، وهي رغمًا من هذا التعب البادي عليها، كان يرى بداخلها أنثى أخرى جميلة، ببشرتها البيضاء التي تمسُّها التجاعيد برقَّة واستحياء، وتظهر جليةً محفورةً عندما تضحك بجوار عينيها.

⁠‫إن هناك حياة كاملة بداخل هذه المرأة لم تعِشْها بعدُ، لديها كثير من عسل الأنوثة الرائق الذي لم يتجرع منه بشرٌ بعدُ. ❝

هل ما نعيشه هو فعلا حقيقة أم أن الموت و الزوال هو الحقيقة الوحيدة. إن كان ذلك كذلك فلماذا يحدث كل هذا؟ الأسئلة الأبدية التي علقت بلا إجابه نتفق عليها جميعا و التي ستظل تؤرقنا حتى النهاية. نهايتنا. فأين الخطأ؟ و من يفعله؟ و من يتحمل نتيجته؟

❞ إن الخطأ ليس خطأه، إنه خطأ القدر يا عايدة، خطأ الدنيا، النصيب، إنها القسمة غير العادلة، تلك القسمة التي وضعتهما في طريق بعضهما، وَرَمَتْهُ بلا عمل، وأمرضتها، إنها القسمة غير العادلة. ❝

هل هنالك من حل إلا التماهي مع هذه الحياة و اقتناص ما يرسم البهجة و ان كانت لحظات قليلة من عمرنا و من عمر الزمان؟

❞ يجب علينا أن نتصالح مع الحياة، بكل ما فيها من ألم وخذلان؛ لأن بعض الأماني لا تتحقق يا مرعي، بعض الأماني لا تأتي، ولا نملك إلا أن نتركها ترحل بعيدًا ولا نضيع أعمارنا بالركض وراءها. ❝

❞ كان صادقًا في حديثه، مندفعًا متحمسًا، كأنما وجد فرصة ليتكلم، وكانت هي تسمع له بإنصات وشغف. اندمج في الحديث، فقام من جلسته، أخذ يرسم لها ظلالًا على الحائط بيديه، على الضوء الشاحب.. كانت ظلال حديثه تتحرك، ترسم غزلانًا، وأرانب برِّية، وجِمالًا، وحَجَلًا، وخيولًا، وطيورًا، وبنادق، وكانت هي تضحك من قلبها، لأول مرة منذ شهور! ❝

علينا أن نستمر في الركض و نختلس النظر يمينا و يسارا لعلنا خلال سعينا الدؤوب للنهاية نلمح على جانبي الطريق ما يرسم على شفاهنا ابتسامة سعادة أو حتى يزيح عن كواهلنا بعض العناء.

❞ يركض وراء العربة حتى تختفي، لن يعرف لماذا سيركض، لن ينادي حتى، سيركض حتى يتعب، ثم سيقف عند نهاية الشارع، والعربة تبتعد، سيشعر أن جزءًا من قلبه قد ذهب معها، لن يعود هذا الجزء ثانية إلى مكانه مرة أخرى. ❝

و دائما تبقى الذكريات حتى و ان رحلنا جميعا

❞ تمنى ألا ينتهي هذا اليوم أبدًا، لكنه انتهى، فالأوقات السعيدة لا تدوم طويلًا، لكن تبقى ذكراها للأبد. ❝

تتبقى كلمة أخيرة للكاتب المبدع أحمد مرسي الذي تشرفت بالقراءة له لأول مرة:

اللغة ممتازة و المزج بين العربية و العامية عبقري سيما و أن العامية هنا بلهجات مصرية و نوبية و بدوية و سودانية و كلها سليمة و دقيقة و مناسبة لقرن مضى تماما. الفكرة و توظيفها و السرد و الحوار و العمق و التشويق و تقسيم الفصول كلها في منتهى البراعة. ما جعلني أتردد في اعطاء العلامة الكاملة للرواية هي النهاية التي لا تتناسب مع الظلال الثقيلة للأحداث فنحن نعلم جيدا أن الحياة أشد وطأة من ذلك بكثير.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق