الشحاذ > مراجعات رواية الشحاذ > مراجعة Shehab El-Din Nasr

الشحاذ - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

الشحاذ

تأليف (تأليف) 3.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

<b> <u>

"ألسنا نعيش حياتنا ونحن نعلم أنَ الله سيأخذها"

</u>

{ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } صدق الله العظيم.

وما هي إلا الحياة الدنيا، وما هي إلا الفناء، الزوال، اللا شيء. لماذا نعيشن حياتنا ونحن نعلم أن الله سيأخذها؟ هل لأننا لا نملك خيار غير ذلك؟ إيماننا، يقيننا، ذنب قتل النفس بغير حق هو ما يمنعنا من إنهائها على سبيل المثال بعد كتابة تلك المراجعة؟ أظن ذلك. حسناً ماذا لو لم أكن مؤمناً؟ ماذا لو لم يمنعني يقيني من الموت؟ سأموت؟ منتحراً، مقتولاً، كافراً بكل ما حولي، غير مؤمناً بما تحمله السماوات إليّ. ولا أشعر به.

حسناً من هنا إلى لحظة مماتي؟ كيف ستكون حياتي وأنا لم أدرك حتى جدوتها؟ وإن لم أدرك حتى معناها.

"ألسنا نعيش حياتنا ونحن نعلم أنَ الله سيأخذها"

ومن هنا، ستبدأ الرواية، سيبدأ كل شيء، سيبدأ تصوف عمر الشاذ وبحثه عن المعنى، سيبدأ البحث، التمعن، التقصي، وسيصل التقصى إلى اركان الحياة بأكملها، لن يتوقف الأمر عند معنى الحياة وحده، بل سيصل حتى إلى الحياة، سيبحث عمر عن حياته، وفي رحلة عمر الشاقة، أبحث معه انا أيضاً عن حياتي، عن رحلتي معه، مسلحاً بالإيمان، مزوداً بالفلسفة، مفكراً في آيات الله، مدبراً رحلتي وذاتي بلا تردد. في البحث عن معنى الحياة. عسى أن أصل، عسى أن أهتدي.

<u>

لا حبيب الآن. القلب لم يعد يفرز إلا الضياع، وبين النجوم يترامى الفراغ والظلام. وملايين السنين الضوئية"

</u>

ضائع يا الله، تائه، ضال انا غارق في أقصى بقاع السديم، في أدنى البطلان انا، في أطلق مراحل الشذوذ. من انا ومن أكون، ومعاذ الله ان اسألك من أنت تكون. ولكن هل انا هنا لسبب معلوم؟ لوضع غير مجهول. لأسباب تعلمها انت وحدك وقلبي لا يدركها كالمجنون؟ مهموم، مغموم، مكروب، ولهان انا يا الله. أبحث عن الكينونة حيث فروج النساء، ابحث عنها بين النهدين، وفي عناق الأنفاس، في ليالي الهرم القارسة، ابحث عنها في عناق ورد، وغيرها من النساء، الشهوة لذة، واللذة معنى، والمعنى إدراك، والإدراك كينونه، وأما أنا اشتهي ولا استلذ. ولا أجد المعنى، ولا أدرك لأجد الكينونة.

<u>

لذلك أقول لك إن الموت يمثل أملاً حقيقياً في حياة الإنسان."

</u>

فأبحث في الفضاء، في النجوم، في السماء، في الأرض، في الأنهار والجبال والأمطار والسحاب، والهواء المغبر، المحمل بالأدخنة السوداء، غير شافيه لما يليها، ولا أدرك ما خلفها. فهل انا قصير النظر؟ كفيف بأعين بشر؟ كفيف لا أرى الحقيقه وهي كالمطر؟ أمحب للخير، أم كاره للشر. أباحث أنا عن الحقيقة أم نافر من الوهم. أطامح للبنيان، أم خائف من الأطلال، أكامل أنا بجسدي، أم بقايا من الآثار. المطر والشر، البحر والبر، الخير والشر، الصخر والوتر. كلاهما صور تعكس بعضهما البعض، وأنا لا يعكسني سوى الضلال.

صم بكم عمي فهم لا يفقهون. أكنت أنا اول البكم؟ وأخر العمي، وأكثر الصم إنصاتاً للضلال.؟

<u>

- هل من الضروري أن يستمع لغنائنا أحد؟

وما معنى أن ندعو سر الوجود من الصمت إلى الصمت

</u>

تلك الرواية الغارقة في الصوفية، ما بين الإقرار بها، وما بين رمزية ضلالها، ما بين الحقيقه والضلال، والمعنى والتضاد، والترادف والإطناب، إنه نجيب محفوظ، وحده من يترك لنا تلك الرواية لنشحذ بها من بعده، ونتسول معنى الحياة، اسأل الله ألا يفقدني بوصلتي، وألا يفقدني هدفي في الحياة، وأن أًصير مسلحاً بالإيمان دائماً امام خبائث العقل، وإطناب التفكير المضطرب، وأنين الروح الجائعة عن المعنى، الجافيه عن الحياة، الباحثة عن الوجود.

<u>

"- عزيزتي ألا يقلقك أن نعبث والعالم من حولنا يجد؟

ألا ترى أننا نجد والعالم من حولنا يعبث؟؟؟"

</u>

سيبحث عمر في كل صفحة، وبين كل شيء، في أحضان النساء ودونهم، وفي حضن زوجته يوماً، ثم رحيل لأعوام وأعوام، وبين الكتب، ودونها، وبين الشعر القديم، وإنبعاث الروح من جديد في ابنته.

<U>

لماذا نضطرب إذا كرر الأبناء سيرتنا؟ وما رأي أبي إذا سمعني أحدث حفيدته في الحب؟!"

</u>

ما بين سياسة عثمان صديقه، وسخريه مصطفى الصحفي، ما بين كل شيء ودونه. حتى يضل بين الوجود ، يضل بين النجوم، يضل بين كل شيء، ولا يجد اي شيء. ستمر برحلة كاملة من التسول، والتشحذ للبحث عن المعنى، بخلفية صوفية، بزهدٍ بالغ وواضح في صفحات الرواية، إنه نجيب الذي كلما ظننت إني أدركته، وجدته يفر من عقلي بشخصٍ جديد، وإبداع أفضل من ذي قبل.

<U>

❞ إن تكن تريدني حقًّا فلِمَ هجرتني؟! ❝

</u>

‏الله معنا في كل شيء. في كل مظاهر الحياة، في صفاتها جميعاً، هو الأول والآخر. هو المنتهى وبداية كل شيء.. من هنا حيث الله بدأنا، وإلى هناك حيث الله انتهينا. فإن كنت تريد رؤية وجه الله لم هجرته؟. هكذا أختتم نجيب محفوظ الرواية. ذاك البيت الذي حفظه عمر من صغره، تذكره في لحظاته الاخيره، وهو على شفا الموت، صريع المعنى. شهيد العشق. راحل إلى الله، الذي لم يدركه. فهل تدركه السماوات؟

<u>

عندما نصرخ للسعة النار فلا يعني هذا أن الصراخ من طبيعتا!"

</u>

مع كل كاتب، وفي كل فترة، وفي كل أدب وبلد ولغة، تجد الإنسان مختلف عن دونه. وانا أحب الإنسان من رمزية نجيب محفوظ، كما احببته من فلسفة فرويد وزفايغ على سبيل المثال، أو معاناة دوستويفسكي. لا أدرك حتى الأن كينونتنا، ولا حقيقتنا، ولكن على كل حال بفضل ديني أدرك اسباب وجودي هنا على الأرض، وأؤمن بها ولا أنفر من عبادة الله، ولكن كلما مر الزمن وبحثت عن كينونة الإنسان بين صفحات الكتب، وجدت إنسان أخر، دون سابقه، وجدت في نجيب شخص، وفي الغرب شخص، وفي اللاتين شخص، وبين الروس اشخاص واشخاص. ولا أعلم نحن ننتمي إلى أي كينونة، وهل سأصل انا وحدي إلى كينونة يمكن أن اكتب عنها يوماً دون الآخرين؟ لا أعلم حقاً.

<u>

الإنسان أما أن يكون الإنسانية جمعاء وإما أن يكون لا شيء."

</u>

ما أعلمه حقاً الأن، إني مستعد تماماً لما هو قادم. مستعد تماماً للبحث عن المزيد والمزيد من الإنسان في هذا العام في بدايته، بعدما فقدت الثقة تماماً في البشر والإنسانية مع احداث غزة الأخيرة، ربما تمنيت أن يكون العالم الحديث أصبح أكثر آدمية من دونه، وأكثر آدميه من سابقه، بعد الحرب العالمية الثانية، والبحث القليل في التاريخ لأعوام سابقة، وجدت قليل من النور في حياة أدم الحديثة المعاصرة، ثم ظننت وتأكدت إننا لا شيء سوى الإنسان الحجري في زي متحضر ومتمدن مصنوع في الولايات المتحدة ومصدر إلينا في طائرة على مدار عشرة ساعات فقط بدلاً من بضع أيام، تطورنا ظاهرياً وتحضرنا بالبناء، أما الأرواح لا تزال مجوفة، وإنها لا تساوي اي شيء امام علة أو صحة الأبدان.

وماذا يفيد البدن لو كانت روح الإنسانية عليلة مريضة متعطشة لدماء المستضعفين عامة، والمسلمين خاصة في وطننا العربي؟

<u>

ولكن ثبت لي أنه إذا قذف بنا إلى الجحيم فإننا حتماً سنعتاد ونألف الزبانية!!"

</u>

ولذلك أدركت اثناء صفحات تلك الرواية وربطها رغماً عني بالأحداث الجارية، بأن التصوف هو الحل الدفين والسري والخبيث، في تلك الأيام، وكما إني أخشى على عالمنا الإسلامي من الإلحاد في ظل الجهاد القائم في فلسطين، أخشى علينا من التصوف والزهد والإستسلام للواقع الأليم، والعدو الوضيع بيننا، عسى أن يجد الله المعجزة من عنده دوننا، ويرسل عليهم طيراً من السماء تقذفهم بحجارة من الجحيم، وتلهبهم كأصحاب الفيل، دوننا.. والله لن يحدث ذاك دوننا، فأما أن نستحق معجزة الله ، أو لا تؤمن بالمعجزات من الاساس. في نهاية العام، إنها الرواية الأخيرة لذاك العام.

فلتحيا فلسطين. فلتحيا فلسطين. فلتحيا فلسطين.

<u>

الفشل.. اللعنة التي لا تدفن ولا تموت. ما افظع ألا يستمع لغنائك أحد؟ ويموت حبك لسر الوجود.

ويمسي الوجود بلا سر وتبعث الحسرات يوماً لتخرب كل شيء!!"

</u>

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق