بدون فصل أخير > مراجعات رواية بدون فصل أخير > مراجعة Mohamed Osama

بدون فصل أخير - سمر علي
تحميل الكتاب

بدون فصل أخير

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

#ريفيوهات

"بدون فصل أخير.....سيرة عين وسيرة قلب"

-لو تأملنا قليلا في السير والتراجم و بعض المذكرات، نصطدم بأن على ما يكون بها من لحظات هامة ومشاهد عظيمة التأثير، فإنها مقيدة بقالب خطي ثابت ألفته أعيننا، فتقبلناه كحقيقة لحياتنا أيضا برضا مشوب بحزن يتعمق فينا كلما خطونا خطوة. ليبدأ من نقطة الميلاد -حقيقة أو رمزا لوجود القضية أو المشكلة- ويقف بعد رحلته عند نقطة الموت -حقيقة أو مجازا لانتهاء القضية- وما بينهما يمضي بترتيب نسقته الأقدار وتطبع به الزمن.

-لكن تلك الرواية -رواية "بدون فصل أخير" للكاتبة الطبيبة سمر علي والصادرة مؤخرا عن دار ديوان للنشر - حاولت التمرد على هذا القالب. من خلال بطلة الحكاية "سلمى" المقتبسة من ذاتها خيط دقيق كافٍ -قوامه أثر لومضات أرادت أن تعرف عن نفسها من دولاب الذكريات بين سطور الرواية عن نظريات حول الهوية ومشاعر وذكريات ثقيلة- لكي تصنع رؤية جديدة ينتقل المركز فيها يتبادل فيها العين -أي الحدث- والقلب -أثر الحدث الذي ذكرت الكاتبة موضعه بشكل متكرر "شاكرا القلب"- في صياغة يومياتها، مع هيمنة واضحة للقلب. ومنه تنطلق الأحداث في الحد الفاصل بين الحقيقة والحلم بخفة شبيهة بحركات المولوية الصوفية، يتكيف فيها الزمن كما تطبع سابقا بالسيرة التقليدية، فينتشي ويترنح سكرانا في فصول الرواية متضامنا مع نديمه الغارق في وجعه وحيرته مع كل نبضة، وإن بدا على جروحه الشفاء.

-وإن ذكرنا الصوفية بتلك الرواية سنجد أن الكاتبة اعتبرتها العماد المجمع لفصول الرواية؛ برموزها "تراقص النور والخمر ، ومقامات الأولياء وآل البيت، والأعلام الخضراء" وأفكارها -الغريبة قليلا- الحاضرة في لعب المرايا وانعكاساتها المشيرة لمعنى الذات ودرجة علاقتها بخالقها، وبعض من صورة المريد أمام العامة "الممثل بعضها في وجود شخصية نيرفانا واستناد سلمى عليها"، وآلية الاختلاء بالنفس ثم التشوف والعلو في وجود السحابة التي تمتطيها سلمى غائبة عما حولها من صراعات بسبب صدمة وفاة والدتها. فلا يسعنا إلا أن نرى كلما تقدمنا بالفصول تجمع هذه الأشياء مع يوميات البطلة وشخصيتها الغامضة المترددة بين الأشياء وضدها كالمادة وإمكانية السيطرة على دفة الواقع، والإيمان بالبشارات والعلامات، وبالمثل بين نهم الوصل "خاصة في علاقتها بشخصية جاسر" وبين الزهد واللاإكتراث -لهذا السبب كان وضع "سمر علي" بغض الشخصية للأصوات القوية الصريحة كصباح فخري في محله لإكمال الصورة-. ونسج ما يشبه غطاء كبير يزداد صلابة كلما قاومته ودفعته عنها. فيعم الشخصية حاجبا إياها عن التدقيق في أمور الواقع خاصة لو كان جامدا يتجرد غالبا من المشاعر كالمجال الطبي، والتركيز أكثر وأكثر على الذات وحاجاتها وإرهاف السمع لصوت النفس، والتأمل على تغيراتها وتلونها، وتحليل مراوغات القلب ومناوراته وهزائمه. ومنه تكتمل السيرة الطوافة، ببدايات ومسارات كثيرة، وبمفارقة جميلة، تتفق على هدف واحد سبق ذكره

"- إحنا بنعيش ونموت وإحنا بندور على الكمال

-بس الكمال موت، دايما بننسى ده، والموت مش دايما كمال"

-بالتالي -من رأيي- يستنتج القارئ أن وضع نهاية لتلك الحكاية لهو مفسدة لذلك العالم. فبفضل الاقتباس المختصر من حديث "نيرفانا"، مرورا برمز التصاق فلجة أسنان "ورد" قبل وفاتها، سنعرف أن مكمن الجمال في السيرة هو التغافل عن الكمال -بما أن البطلة في الأصل تمردت على قالب السير-والابتعاد عن مواضع الحسم-يتضح أولا بعلاقتها بتذبذب علاقتها بشخصيات مثل جاسر، وريمون، وأحمد، وثانيا بعلاقتها بأصلها وأجدادها- ومن ثم الاكتفاء بالنفس، والتأمل في تجاربها المهدمة، مستخلصة منها قوة تمكنها من صنع نافذة تصل بين قلبها المهموم الذائب في طوافه، وبين مدد السماء ليغمره قبس من ذلك النور الرباني، فيسمو شيئا فشيئا وتشف رؤيته لدرجة تقربه ممن يحبهم من أول الراحلين إلى الصالحين من أولياء الله، ومن ناحية أخرى تدفعه التجارب السابقة بالشفقة حين ينظر للناس الحزانى أن يعينهم في رحلتهم. ومن يدري! ربما تصير نيرفانا أخرى لإحدى المعذبات، وتستمر الرحلة بلا نهاية...بدون فصل أخير

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق