الدنجوان > مراجعات كتاب الدنجوان > مراجعة رجاء أبو شادي

الدنجوان - هاني حجاج
تحميل الكتاب

الدنجوان

تأليف (تأليف) 4.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

من خلال ما يزيد عن أربعين فصلاً، كل فصل مِن الفصول تركَّز في الغالب على قصة من القصص التي مر بها الفنان رشدي أباظة في حياته، عمل الكاتب في مخطط الكتاب على سَردِ ما هو معروف جملةً للجمهور، وهذا تحدٍّ يتَّسم بالصعوبة، من السهل أن تشدَّ انتباه الجمهور بأن تَحكي له ما لا يعرف، أما أن يُخطِّط الكاتب لكسر إحساس القارئ بالاعتياد، فيشعر شعورًا مختلفًا تجاه ما كان يعرف، وتتجدَّد حفاوته به، فهذا ما لا يَقدر عليه كلُّ باحث.

الشعور بـ"معرفة حياة رشدي" هو غالبًا شعور مُضلِّل، إذا ما كان القارئ يقف عند خلاصة "الحكاية"، ولم يكن يَلتفِت لما في ثناياها من كشفٍ للطبائع البشرية على اختلافها، التي أولاها الدكتور اهتمامًا واضحًا، للدرجة التي تساعد القارئَ على التوقف والانتباه ومساءلة نفسه عن مكانه لو كان من ضمن هذا المشهد؛ لذا يمكن القول: إن الكاتب اشتغل على تحقيق "المعرفة العميقة"، تلك المعرفة المنتِجة القادرة على تحليل نفسي وإنساني للفنان، مِن خلال شكل سرديٍّ مُلتزِم وجاذب. نحن نكتشف عند القراءة أننا لم نكن نعرف عن رشدي أباظة غير (خلاصة الحكاية) أي أنه كان مجرد رجل عابث ونعرف زوجاته من الفنانات وبعض أفلامه الكبيرة ولا شيء أكثر.

هذه المعرفة الشاملة قد حقَّقها المؤلف بشروط فنِّ الرواية في عدة فصول، بإبحارٍ آمِنٍ ووديع في الجوانب العاطفية نقرأ معها دواخل نفس الفنان وشعوره بنفسه وبالآخرين، كما لم يَنجرِف معه السردُ الأدبي بعيدًا عن شواطئ الحقائق الثابتة، ولم يعتمد الكاتب على مجداف "التفلسف"، فيضع في فصوله مفاصلَ سردية مما لا حاجة إليه فيقحمه على حياة رشدي أباظة، بل اعتمد في الجملة على وقائع كعتبات لدخول في تفاصيل لتسْيِير عمله، تفاصيل ما كنا نعلم عنها شيئًا ويبدو أنها تطلبت من الكاتب جهود عظيمة في البحث والتقصي؛ إنه يصنع المشهد الروائي المؤسَّس على ما ورَد في حياة رشدي من ناحية ومن داخل نفسه بوعي وبعناية وبإحساس عالٍ، وبغير أن تَسحبه نشوة "الأرشفة" إلى فضاءات سرد القوائم ومجموعات الصور وغير ذلك مما يسود في السير وحكايات الأعلام.

ويُمكن النظر لكتاب (الدونجوان) باعتباره مُنجَزًا أدبيًّا من ناحية حسنِ التصوير وبديع التركيب، البناء الدرامي وجمال العبارة، والقدرة على الجذب والتأثير، مثلما أن هذا العمل هو في أصله وبُنيانه منتجٌ أدبي فني، قائم على الدقة الصحفية والحس الروائي، فلا تشعر بمرور الوقت والصفحات وهي كثيرة مدمجة ومكثفة السطور كأنها مرجع كبير. وقد استطاع الكاتب أن يَزن كتابه الهام بين جماليات الخطاب الأدبي وإجماليات التحقيق الصحفي، وغاية القول: إنه لم يكن يعمل على تكييف حالة وجدانية مؤثِّرة يُحلِّق في فضائها القارئُ لتحقيق حالة من السمو الخالي من الاستيعاب والتدبُّر في حياة الإنسان قبل الفنان؛ كان معنيًّا في كل فصل وكل فكرة أن يكون مُثمرًا ومُحددًا؛ من خلال عرض جميل باعثٍ على الراحة والنشوة واكتساب معارف جديدة حتى لكأنها مكتوبة بأيدي فناني ذلك العصر.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق