خرائط التيه > مراجعات رواية خرائط التيه > مراجعة Rudina K Yasin

خرائط التيه - بثينة العيسى
تحميل الكتاب

خرائط التيه

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب الثاني والثلاثون/ 2024

خرائط التيه

بثينة العيسة

**نبيع كل شيء، ولا مال لدينا لنشتري أنفسنا.

ماذا لو كانت قيمة الإنسان ميتًا أعلى منه حيًّا؟

مضيق هرمز. خليج فارس، أو الخليج العربي. بئر برقان. بئر زمزم. الهلال الخصيب. فلسطين المحتلة. دلتا سيناء. البحر الأحمر. مضيق باب المندب.

من مضيقٍ إلى مضيق.. نبحثُ عن معنى.

إذا لم يكن هناك ما يقال..

فلتَقُل ما لا يُقال.**

**الزمن ليس حليفا لك. الزمن هو العدو كيف يمكنك ان توقف تدفق هذا النهر الابدي الذي يسمونه الزمن ؟ انه يجري بعيداً صوبَ الاحتمالات المؤسف**

* من حقّك أن تعطي طفلك أمانًا كاذبًا، ولكن أتدري أين المشكلة؟ المشكلة أنَّ الأمان كلّه كاذب، الأمان كذبة حتى لو خبأت طفلك في غرفة بمليون قفل، بحيث لا يستطيع أحد أن يصل إليه وأن يؤذيه، أصغر وأحقر فيروس في الكون*

*لا أحدَ لأحدٍ في هذا العالم! عليك أن تتدبّر أمرك بنفسك من الآن فصاعدًا. تحشرج صوته؛ لا تنتظر أن يخلّصك أحد، لأن أحدًا لن يأتي. اختنق بدموعه. الذين نناديهم، على وجهِ الخصوص، لن يأتو*

مسلسل ذهاب وعودة : وانا اقرء في رواية خرائط التيه الكويتية بثينة العيسى، الصّادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون – بيروت وتحتوي على 405 صفحات، وقد صمّمت الغلاف ديمة الغنيم. تذكرت المسلسل المصري بطولة احمد السقا ذهاب وعودة ، صحيح ان ياسين لم يتم اغنصابه مثل مشاري لكنه تعرض وبشدة لما تعرض له مشاري اتذكر انني تابعت كل حلقات المسلسل وكنت سعيدة بعودة ياسين الى حضن والده .

الكاتبة بثينة العيسى: روائية كويتية وصدرت لها عدة روايات: لم اقرء منها الا السندباد الاعمى وهذا الكتاب : تتميز مواضيع رواياتها بتناولها لنفسها وناسها وما يدور حولها، فتبدو صريحة المعالم مشرّعة الأبواب مما يسهل تناولها والغوص في أعماقها، على متلقّيها مع ثقل حملها..أما في روايتها “خرائط التيه” فتتناول رحلة حج عادية تتحوّل إلى مسلسل رعب وقلق يعيشه فيصل وسمية الكويتيان وهما في بيت الله حيث يضيع مشاري -ابنهما الوحيد- فيَتيها، فلكل منا تيهه الخاص به وكله مربوط ومتشابك ببعضه.

التيه والمتاهة : اليوم هو 192 على حرب الابادة والتوهان الذي حصل من ستة اشهر لاجمل مدينة في العالم غزة ولا اعرف سر اختياراتي لهذه الكتب لقد فعلت هذه الابادة فينا ما فعلت فنحن تائهون اكثر من التوهان نفسه ، ربما اكثر من ابو تمام الذي بدئت الكاتبة روايتها ببيت الشعر الخاص به . (تاهَت على صورةِ الأشياء صورَتُه حتّى إذا كَمُلت تاهَتْ على التّيهِ)

تم تنوّه الكاتبة أن “هذه الرواية هي من وحي الخيال، وأيُّ تشابهٍ، أو تطابقٍ، بينها وبين الواقع.. فهُوَ من قبيلِ سوءِ الحظِّ، ليس لكاتبتِها وحسب، بل للعالم كلّه.

تناولت الكاتبة في روايتها رموز الجوع، والفقد، وهتك العرض، والاحتلال والغضب، وعصابات تجارة الاعضاء محور الرواية ،والاثر النفسي الذي يحدث للطفل او الشخص المخطوف اذا تم انقاذه وغير ذلك من القضايا المحورية في اسلوب سردي جميل والايمان والالحاد

فصول الرواية قصيرة، صفحات تميّزها لغة الحوار، سمية وزوجها فيصل، فيصل وأخيه سعود، جرجس وروينا وغيرهم.

محور الرواية هو وجع فقدان الابن مشاري ورحلة البحث عنه وما يرافقها من تيه عبر التناقضات بين الحقيقة والوهم والتأرجح بين الشك واليقين – يقين سمية الأم وشكّ فيصل الأب، بين السؤال والجواب؟ وبين الايمان واللا إيمان؟ إنها رحلة حجّ إلى بيت الله الحرام للتقرّب من الله سبحانه فتتحول إلى رحلة بحث عن ابن قد ضاع/أختطِفَ بين ملايين الحجّاج في مكة المكرمة في موسم الحج وتستمر في الطرح الى النهاية بكفر الاب والحاده وجنون الام والعثور على طفل تشوه من كثر ما عانى

تتناول الكاتبة بجرأة عالم الاطفال المنسيين او الاقوام الفقيرة المهمشة – الطفلة الهندية مريم التي لا يمكن لأهلها فديتها فلا يهتم بفقدانها وضياعها أحد، وقد قتلت نتيجة عملية اغتصاب قاسية وكان لسمك القرش البهجة في اخذها

فهم المُعدمون الذين يقطعون الصحراء من أجل حلم الحياة فيعودون جثامين!، المخيمات المليئة بمجهولي الهويّة وغيره .

إنها رواية قاسية ومؤلمة، تصوّر أشكالًا من الجريمة، من خطفٍ إلى قتلٍ واغتصاب وتشويه للروح والجسد، ومنها على سبيل الحصر تفاصيل اغتصاب الطفل مشاري، جرائم القتل والاختطاف، المتاجرة بالإنسان وأعضائه وغيرها.

القهر والجوع هو بطل الرواية ومحورها، فيحوّل الاطفال الى مجرمين وعصابة من خاطفي الاطفال، فمن هو المجرم الحقيقي؟ نحن العالم أم العالم المنسي والمقهور؟؟ وتحاول الكاتبة جعل الخاطفين والمجرمين بشر لأنهم كانوا ضحايا وتحوّلوا لمجرمين لأن العالم تجاهلهم وتخلّى عنهم.

تُثير الكاتبة تساؤلات حياتيّة صعبة : ماذا لو وجدت نفسك وحيدا وجائعا بلا مأوى ؟ ماذا لو خُطفت وأُجبِرت على العمل كخاطف أطفال؟ هل تلجأ ساعتئذٍ إلى الله؟ لأن الصلاة ذريعة من يملك الوقت والقلب؟

وتصرخ محتجّة أن لا عدالة في هذا العالم، إلا في جحيم الجريمة وعالمها المظلم “الطفولة هي القاسم المشترك الوحيد، العالم يولول منذ ساعات على اختفاء مشاري (الكويتي الغنيّ) ولا تهتزّ له شعرة من أجل مريم (الهندية الفقيرة) اليوم، أنت مثلهم جميعًا، تقف على نفس الدرجة من الإنسانية، درجة تحت الصّفر أموالك لا تحدث أي فرق، وأنهار النفط تحت قدميك لا يحدث أي فرق. أهلًا بك في جحيم العدالة، في المكان الوحيد الذي يساوي بين البشر، في عالم الجريمة” !!!(ص 100).

تتناول العيسى سؤال الشك واليقين “ليس من حقّك أن تعطي طفلك أمانًا كاذبًا، ولكن أتدري أين المشكلة؟ المشكلة أنَّ الأمان كلّه كذبة. الأمان كذبة. حتى لو خبأت طفلك في غرفة بمليون قفل، بحيث لا يستطيع أحد أن يصل إليه وأن يؤذيه، أصغر وأحقر فيروس في هذه الحياة قادرٌ على أن يودي بحياته” (ص 258) وتتساءل عن قيمة الإنسان الحقيقية في عالمنا، على لسان بطلتها روينا : “نبيع كل شيء، ولا مال لدينا لنشتري أنفسنا. ماذا لو كانت قيمة الإنسان ميتا أغلى منها حيّا؟”

تحدثت الكاتبة بعمق عن عصابات تجارة الاعضاء والخطف تلك العصابات التي اخذت اجمل شباب واطفال الوطن العربي ولا ذنب لهم سوى انهم اشخاص اصحاء لا يعانون من مرض -- فمسكين ايها الوطن اصبحت ثرواتك وشبابك واطفالك مرتعا للعصابات والمافيات وقد تحدثت الكاتبة عن علاقة اسرائيل بتلك التجارة من خلال سفر والد مشاري الى العريش لكنها تحدثت بتكلّف فاضح فجرائمهم لا تُعَدّ ولا تُحصى، التي ارتكبوها ولا زالوا، في اجمل مدن العالم غزة

للكاتبة نظرة فلسفيّة وتساؤلات تجاه الدين والرب ولكن بطلها فيصل الذي يؤمن بأنه “لا يُحمد على مكروه سواه” لم يكن جريئًا ليصرخ صرخة “شروق” في رواية الموتى لا ينتحرون للروائي الفلسطيني سامح خضروهذه الرواية لها ما لها لكن سناخذ اقتباسا منها حين صرخت :”لا أريد مخدّرات إلهيّة. من تسبّب في مأساتي لن ألجأ إليه ليداويني. جئت لأحاسب الرب على ما فعلَه بي…لم أكذب ولم أسرق ولم أزنِ ولم أعصِ، لكنّه نكّل بي وآذاني. جئت لأقول له لقد خسرتَ مؤمنه لأنك خسّرتها ابنها الوحيد”، فيصِل للاسف وصل الى هذه النتيجة بأن ليست كل خسارة… خسارة! وكما جاء في كتابه العزيز “يا أيُّها الناس أنتُمُ الفقراءُ إلى الله واللهُ هوَ الغنِيُّ الحميدُ” (سورة فاطر).

قداسة بيت الله تطرد شياطين الجن لكنها لا تطرد شياطين الانس اصحاب النفوس المريضة , ناهيك عن خطورة تعرض الاطفال للدهس او الاختناق , اما التمييز على اساس الجنسية والبشرة فهي قصة اخرى, عالجتها بثينة بصورة مختصرة , و المتاجرة بالبشر و المخدرات و غيرها من الامور التي تنص الحكومات قوانيناًُ صارمة ضد مرتكيبها و هي تحرك بخيوط الحكومات نفسها , و هو ما اشارت له الكاتبة بصورة ضبابية تنقصها الجرأة لكن لا الومها .

"ربما كان هو الشيطان الذي كان يستعيذ منه طوال عمره ."

نجد "نظام شجاع" يصلي , بل ويلتزم بالصلاة و لا يضيع صلاة الفجر ثم يتوجه لاغتصاب الصبي بعد الفراغ من صلاته . و سمية التي وجدت الله بعد ضياع و وثقت به و تضرعت اليه ليعيد لها ولدها تدروشت و كأن مس من الجنون اصابها , وفيصل انكر وجوده لدرجة انه لم يكمل حجه .

وهنا نقف عند سؤال ماذا لو كان الكاتب من ديانة اخرى او غيلر عربي لإتهمناه بالتهجم على الاسلام , اعلم ان الكثير من اللصوص والمغتصبين و المجانين يتدعون الدين لكن الربط بهذه الطريقة هو تشويه لصورة الاسلام و هذا آخر ما ينقصنا في هذه الفترة ! اعلم ان الكاتبة تحاول نقد التناقض و فهم الدين على اساس كونه صلاة و صيام فقط ونبذ الجانب الاخلاقي متناسين حديثه الشريف : ( الدين المعاملة) لكن طريقة الكاتبة كانت سيئة وغير منصفة في هذا الجانب .

وفي النهاية وتبقى القضية الأكثر أهمية عالقة؛ وهي تصرف الإنسان تجاه الفاجعة وتأثير ذلك على علاقته بربه. من الواضح أن كلا الأبوين تطرّف في ردة فعله، {إذا مسّه الشر جزوعا}. الأب فيصل الذي كفر، والأم سمية التي تدروشت ومن الواضح أنها صارت تميل إلى الحلولية ووحدة الوجود كما يظهر في الفصل الذي يتحدث عن وقوفها بعرفة.

لا يوجد أي صوت او جواب قادر على الإجابة على القضية. لذا أعتبر أن الرواية ذات نهاية مفتوحة بشكل أو بآخر، ليس من حيث الأحداث ، بل من حيث الرسالة.

برأيي أن هذا السؤال لا يجوز أن يبقى عالقا، لأنه لا يتعلق فقط بقصة هذه العائلة المنكوبة، بل بما يحدث في هذا العالم؛ كل النكبات هذه والمظالم والمآسي والحروب التي تنزل على البشر وتجعل الكثيرين يتساءلون "أين العدل؟"، كيف يفهم الإنسان فلسفة الابتلاء الرباني؟ وكيف يجتاز الفاجعة دون أن يؤثر ذلك سلبا على علاقته بربه؟

نهاية. الرواية. كانت عودة. مشاري. إلى أهله لكن هل الطفل المبتسم الجميل. هو نفس الطفل. اعتقد انه مات يوم. تم تعذيبه

يقول عمه. انه. يعود الى حياته. بعد انفصال امه وأبيه لكن ما حصل. لا يمكن ان يزول.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق