من لندن إلى مكة: رحلة حج أول امرأة بريطانية > مراجعات كتاب من لندن إلى مكة: رحلة حج أول امرأة بريطانية > مراجعة هبة أحمد توفيق

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

كغمامة رمادية، تزحف ببطء لتحجب عن عين الإيمان إحدى زوايا الرؤية، كذلك أجد اعتياد النعم، فمِن أي الزوايا نبصر إذا ما أُصِبنا باعتياد نعمة الإيمان ذاتها؟

لا شك أن للصلاة والدعاء ودوام الذكر والعبادات القدرة على تجدد واستحضار الروح الإيمانية، ومن ثَم إزاحة تلك الغمامة كلما حضرت، إلا أنني أشعر كما لو أن عينًا جديدة تُخلَق للإيمان في كل مرة أرى فيها من ذاق حلاوة نطق الشهادة للمرة الأولى، لمسته الأولى لكتاب الله وقراءة وتدبر أولى آياته، دهشته الممتزجة بالرهبة عند سماع تكبيرة أوّل أذان، دموعه المصاحبة لسجدة الخشوع الأولى، مشاعر مختلطة من السعادة والغيرة والإحساس بالتقصير تنتابني، تُختتم عادة بزوال الغشاوة واستدعاء حلاوة الإيمان الأولى.

بالقدر نفسه من الأثر أحدثته القراءة عمن قطعت آلاف الأميال وهي في الخامسة والستين من عمرها من أجل مرأى بيت الله الحرام لتصبح أول امرأة بريطانية مسلمة يؤذن لها - بإذن ملكي - بأداء مناسك الحج الأعظم.

"مجرّدين من كل متع الحياة، تجمعنا نية واحدة واستسلام تام للأمر الإلهي؛ نقترب من المدينة المقدسة التي لا يوجد على أرضها ما يفتن الإنسان عن عبادة الله".

لم تكتف الليدي إيڤيلين كوبولد أو زينب بسرد تفاصيل رحلتها الشاقة الملهمة إلى الأراضي المقدسة - والتي تمنيت أن تفرد فيها مساحة أكبر لوصف مشاعرها على حساب مشاهداتها لجغرافيا المكان والإنسان - لكنها عززت حبها وانتمائها للدين بمقتطفات عن نشأة الإسلام الأولى وما تركه عبر التاريخ والحضارات من عظيم الأثر، وسواءً تحرّت الدقة أو لم تتحرّ في مرجعية ما استشهدت به من أحاديث نبوية، أو فيما اقتطفت من معلوماتٍ من مؤلفات المستشرقين (بالأخص الجزء الخاص باكتشاف لقاح الجدري المنسوب للدولة العثمانية)، فبحميّة ربما يفتقدها كثيرون ممن وُلدوا على فطرة الإسلام، أبت في نهاية رحلتها أن تُكمل قراءة كتاب رأت فيه ما يسيء إلى الدين الحنيف وهي مازالت فوق الأرض الطاهرة التي سبق أن خطا عليها النبي الكريم.

الرحلة ليست إيمانية فقط، بل هي عودة بالزمن تأريخًا لملامح الحياة في أرض الحجاز في تلك الحقبة الزمنية من ثلاثينيات القرن الماضي.

منذ قراءة كتابها الأول، وبعد القراءة الأولى لهبة هنداوي كمترجمة، يتأكد حدسي، هذا القلم يكتب ويترجم كل ما هو قريب من القلب.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق