طريق مختصرة إلى الفردوس > مراجعات رواية طريق مختصرة إلى الفردوس > مراجعة ناصر اللقاني

طريق مختصرة إلى الفردوس - ضحى صلاح
تحميل الكتاب

طريق مختصرة إلى الفردوس

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

بين "جحيم" سارتر و"فردوس" ضحى صلاح

رواية بديعة منحتنا إياها الأديبة المتميزة ضحى صلاح، وأخذتنا في رحلة استكشاف لأنفسنا وأحلامنا وواقعنا، في "طريق مختصرة إلى الفردوس".

بدأت الرحلة مع بطلتنا "إباء" أو "باء" بعد أن سلبوها الألف المكسورة، حينما انتقلت إلى العالم الآخر، أو إلى "عالم آخر" غريب ومريب، ربما هو المطهر، الأسماء فيه حروف، والناس فيه يتخبطون بين المعاني، الحرية والذاكرة والأماكن والقواعد والأغيار، و"راء" و"أنس" والهرّ "سِنُّور" والفراشات والمحرقة والجبَّانة، والعجوز صاحب القبعة الزرقاء ومسيحها الصغير، وفقد الذكريات، والمنزل الكبير والمنزل الأكبر، وحاكمته "الألف الأقدس" التي تشبهها، أو التي هي جحيمها.

وشعار العالم يتردد في كل مكان

❞ حريتك ألا ننتهك حرية الآخرين ❝،

ومواجهة الحقيقة مؤجلة

❞ عندما أصل للجسر سوف أعبره ❝،

وحتى الرجاء لم يعد يجدي

❞ هُنا لا صلاة تفيد… ولا مُنقذ لكِ سوى اختيارك ❝.

كانت أحداث وشخصيات ومواقف حياتها تطاردها طوال الوقت، بحثت بطلتنا عن الفردوس، لكنها وجدت نفسها في عالم ملتبس لا تدري إن كان هو الجحيم أو الفردوس الذي طالما حلمت به، لكن يبدو أن "إباء" الأخرى أو "الألف الأقدس" هي من تعوق الطريق إلى الفردوس

❞ أظن أن هذا هو جحيمنا الخاص، كل شخص يشكله كما يشاء… يجدون أكثر الأشياء المحببة إلى قلبك ليحولونها إلى عالم كابوسي تُحبسين فيه ❝.

عندما قرأت الرواية تذكرت مسرحية "الجحيم" أو "لا مخرج" وهي مسرحية من فصل واحد لفيلسوف الوجودية جان بول سارتر، فيها يجد رجل وامرأتان (جارسان وأينز وإستل) أنفسهم في غرفة مريبة بلا نوافذ أو مرايا ولها باب واحد يُفترض أنها جهنم، بعد أن يُدخِلهم الخادم بالتتابع يخرج ويغلق الباب، ثلاثتهم ينتظرون العذاب والنار واللهيب فلا شيء يأتي، تبدأ الحوارات المتربصة حول ذنوب كل واحد منهم، تتكشف ذنوبهم وخطاياهم، كلٌ يتهم الآخر ويحكم عليه، نجد خطاياهم في الجُبن والبرود والقسوة والخداع والقتل، ومع الوقت يصبحون أكثر انعزالاً فيشعرون بالملل ويبدأون في التفكير في أنفسهم فقط، يحاولون الخروج ولكن بلا جدوى، وفي النهاية يدركون أنه قد تم وضعهم سوياً في هذه الغرفة التي هي جهنم، ليكونوا جلَّادين لبعضهم البعض، بعيونهم وأفكارهم وألسنتهم، لأن "الجحيم هو الآخرون".

حرمت ضحى صلاح بطلتها "إباء" من الحكيّ عن نفسها، كان الراوي يحدثها بصيغة المخاطَب طوال الوقت، خُزَزها الصغير الأبيض "سوزو" الذي يراقبها من السماء، وصاحب طاولة الروليت، كان يحنو عليها ويقسو، يبرر لها ويلوم، يتابع كل خطواتها، إلى أن يترك القمر ويأتي ليقودها إلى الخلاص، فتراهن في النهاية بالفيشة الأخيرة على الخانة (صفر) وتفوز، وتحصل على فرصتها الجديدة لتحقيق الأمنيات.

في مسرحية سارتر كان "الجحيم هو الآخرون"، ولكن في رواية ضحى صلاح يبدو أن "الجحيم هو داخل أنفسنا"، تقول إباء ❞ كيف يكون الشخص في جحيمه الخاص وهو لم يمت بعد؟ ❝، فنحن نستطيع أن نصنع جحيمنا ونستطيع أن نصنع فردوسنا.

إذا كان "الجحيم هو الآخرون"، فهل يمكن أن يكون "الفردوس هو أنفسنا".

ويكون السؤال هو هل يمكننا أن نصنع فردوسنا حقاً ونتوقف عن مشاركة الآخرين في صنع جحيمنا، أن نبدد "الألف الأقدس" التي داخلنا وأن نستبدل بها إشراقاً جديداُ لشمسنا وقمرنا، وأن نبدأ في "اصطياد السعادة"، أن نخلق فردوسنا هنا والآن فيما نملكه بين أيدينا، ولا ننتظر أن نصل للجسر كي نعبره، لنعبر الآن، فربما لا نصل للجسر أبداً.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق