كتاب المساكين > اقتباسات من كتاب كتاب المساكين > اقتباس

إن من حوادث القدر أشياء لا نفهم وجه الحكمة فيها،و هي الحظوظ والأقسام؛فذلك صحيح في نفسه بمقدار ماهو خطأ في أنفسنا،و الشذوذ فيما يقع من حوادث الدنيا وفيما نشهد من تصاريف القدر أمرٌ معلومٌ،لماذا لا يكون قاعدةً لأشياء نجهلها مادمنا نجهل الغيب كله ولا نعرف منه شيئاً؟

ما رأينا قطُّ في تراكيب هذا الكون المعجز شيئاً خارجاً عن موضعه،ولا شيئاً زائداً في موضعه،فلم نظُن مثل ذلك في الجهة التي تتصل بنا من حكمة الله،جهة السعد والنحس؟

يا بُنيَّ إنما قُرِّبَت النعمة من فُلان لأن القدر يسوقُها إليه،و إنما بعدت النعمة عن فلان لأن القَدر يسوقها إلى غيره،و إذا أراد الله أمراً هيَّأ أسبابه،فربما سعى المرء بكل سبب فلم يفلح،ثم يقع لهُ سبب لم يمتهِد له وسيلة قطُّ فإذا هو عند بُغيته،و إذا هو قد ملأ يديه مما قد كان يئس منه،فلا يكون عَجبهُ كيف خاب في الأولى بأشدَّ من عجبه كيف نجح في الثانية!

و هذا هو مظهر إرادة الله،فإن صادف من بعض النفوس الضعيفة حسداً أو غيظاً أو سُخطاً أو منافسةً أو من نحو ذلك مما يكون مظهراً لضعفِ الإيمان في النفس،تحوَّل المعنى إلى لفظ يحمل كل هذه العواطف الوحشيَّة،فلبئس الكلمة تسلب الإيمان قوة نفسه،و تكادُ في إبهامها تسلب الأقدار قوة الحكمة ايضاً، وهي كلمة: ((الحظ)) ألا ترى أن أحداً من الناس لا يتعلل بهذه الكلمة ولا يحتج بها ولا يسكُن إليها إلا من غيظٍ أو سخطٍ او حسدٍ أو عجز،أو ما هو بسبيل من هذه المعاني .

مشاركة من هيفاء علايا ، من كتاب

كتاب المساكين

هذا الاقتباس من كتاب