من أخطر آفات المصريين، ميلنا إلى الخلط بين الرجل العظيم وصاحب المنصب الكبير، فنحن نعامل كل صاحب منصب كبير وكأنه رجل عظيم, و يتوارى كثير من رجالنا العظام حقيقة في الظلام, من فرط إهمالهم , لمجرد أنهم لم تتح لهم الفرصة,أو رفضوا أن يتولوا منصبا كبيرا
و نظام التعليم في مصر يجري على نفس النحو. فالتاريخ الذي يتعلمه أولادنا في المدارس لا يميز التمييز الواجب بين العظيم و صاحب المنصب الكبير, و لا تجري الغربلة الواجبة إلا بعد مرور عشرات السنين على وفاة هذا أو ذاك, و بعد أن تنقضي أي شبهة في أن يكون لصاحب المنصب الكبير أنصار في السلطة
و هذا هو ما حاول جلال أمين أن يلقي الضوء عليه في ها الكتاب الرائع, فتحدث باقتضاب عن الشخصيات المشهورة مثل سعاد حسني و صلاح جاهين و محمد عودة, و إن كان قد تحدث عنهم من وجهة نظر أخرى لم يتطرق إليها أحد قبله.
و أفاض في الحديث عن الشخصيات التي أهملنا كراها و تاريخها , كأحمد بهاء الدين , و عبد العظيم أنيس النبيل المعنى دائما , و نجيب محفوظ الي لم يخضع لاستبداد أحد باستثناء استبداد فنه الجميل , و حلمي مراد الي كان في استقامته مثلا يقتدى , و عادل حسين صاجب كتاب الاقتصاد المصري من الاستقلال إلى التبعية , و لطفي عبد العظيم و بطش السلطة , و سعيد النجار بعقلانيته المفرطة و علمه بالقانون و ترفعه عن الصغائر , و إبراهيم شحاته أحد أعظم علماء القانون الدولي في القرن العشرين , و علي الجريتلي الوزير السابق و عبقري الاقتصاد المصري , و نجلاء بدير لسان حال البسطاء
جلال أمين لا يسرد حيوات هؤلاء الشخصيات فحسب ، بل يخرج منها بمواقف وأراء وإسقاطات على الواقع الذي نعيشه ، ربما بصورة غير مباشرة ولكنك ستلاحظها على الفور