"البلد مثلث متساوي الأضلاع، يقف على رؤوسه الثلاثة بالتساوي؛ المواطنون والدولة والإرهابيون. ينظر كل طرف إلى الطرفين الآخرين بعداء، قد يبدو عداء الدولة والإرهاب طبيعيًّا، فماذا عن المواطنين؟ يبغضهم الإرهاب ويحسبهم مع الدولة فيُكفِّرونهم. ونكرههم نحن لزعمنا أنهم يأوون المجرمين. ويكرهوننا لفشلنا في حمايتهم. يمتد الكُرْه لسنوات، يتحول المثلث إلى دائرة يدور فيها الجميع كارهًا مَن خلفه ومَن أمامه. يسهم الكل في دورانها، نزيد من سرعتها فنزداد بغضًا لبعضنا البعض. نجلد أنفسنا، الكل متواطئ إلَّا من رحم ربي."
مابين الشعوب والحكومات والإرهاب، حين يشبهك العدوّ حد التطابق، فتعميك عدالة القضية والثقة في القادة وتُساق مع القطيع، ومع الرصاصة الأولى، ينفرط العقد فلا ترى ولا تفهم من يفعل ماذا ومن ضد من؟
لم تحك الرواية فقط حرب الجزائر الأهلية وعشريتها السوداء والصراع على البرلمان والسلطة وما تبعها من مذابح، إنما هي في حقيقة الأمر حكاية كل الأوطان التي صارت كل الأطراف على حد سواء تنتهك وتستبيح حرمتها.
تظل الحسنة الوحيدة لتلك الحروب إن جاز التعبير وكان لها حسنة؛ أنها تكون بمثابة الاختبار الذي يطفو على السطح بالطابع الحقيقي للبشر، وإذا ما كانوا سيتمسكون بارتداء ثوب إيمانهم ومبادئهم، أم سيخلعونه حتى قبل انطلاق الرصاصة الأولى.
خمس نجوم مستحقة لرواية مكتملة الأركان.