خيانة في المغرب > مراجعات رواية خيانة في المغرب > مراجعة حنان طنطاوي

خيانة في المغرب - أحمد لطفي
تحميل الكتاب

خيانة في المغرب

تأليف (تأليف) 2.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
1

"خيانة في المغرب" أم خيانة العصر..

صباح الخير أو مساء الخير حسب التوقيت الذي ستُقرأ فيه هذه الكلمات.. وإن كنت منحازةً أكثر للصباح الذي يستوطن القلوب راسخًا؛ لا تزعزعه قواعد الزمن..

على سبيل الاستثناء؛ قررت المشاركة في مسابقة كتابة مراجعة عن قصة "خيانة في المغرب" والمكتوبة بتقنية الذكاء الاصطناعي، دون إغفال لجهد صاحب التجربة؛ الكاتب أحمد لطفي، والذي أكد مرارًا أنه لا يكتب مثل هذا النوع من القصص، ولكنه استعان ب (Chat GPT) أو "جبوتة" كما حاول تدليله/ أنْسنَته. حرص الكاتب على تقديم "تجربة نقية" كما وصفها هو، أو محايدة كما أفهمها أنا، أي أنه لم يضع في الكتابة بصمته الأدبية الخاصة، برغم تدخله في رسم القالب الرئيسي للقصة؛ بوضع ملخص لها، ثم تدخل ثانيًا وثالثًا؛ محاولا استكمالها، متلاعبًا بضوابط "جبّوتة"، ومُعترفًا بذلك بمنتهى الشفافية في مقدمة إصداره.

عودة لاستثناء المشاركة في المسابقة، إنه الاستثناء الذي أتعامل معه باعتباره تأكيدًا للقاعدة التي أنتهجها في حياتي؛ إذ لا أخطو في الحياة بدافع السِّباق.. وإنما بدافع اللحاق بالقيمة، والتجذير لكينونتي. فالخطوة إن كانت معنية بأثرها؛ لن تركض بنيّة استباق غيرها في ممرات طولية. وإن كانت الحياة ممرًا للترقي؛ فلا بأس أحيانًا من خوض محورها الأفقي، في سباقات مُستقطعة، قبل إدراك أن الغاية الحقيقية هي التسلق الرأسي، حتى لو كان شاقًا؛ لا نسابق فيه أحدًا، ولسنا مؤتنسين بالرفقة، أو مستمتعين بالتفوق، لكننا بلاشك نرتفع.

عذرًا على هذه المقدمة الفلسفية التي تذرعت بها لنفسي؛ إزاء إضاعة ثلاثين دقيقة كاملة من عمري في قراءة "خيانة في المغرب"!

طيب.. من أين أبدأ؟ سأبدأ من حيث انتهت القصة وسأُورِد بعض المقاطع من مشهدها الأخير:

❞ حاولت خالدة الهرب من الكوخ، لكن الرجل العجوز أطلق النار بجوار ساقها، فسقطت على الأرض وتأوهت ثم وقعت على الأرض وقالت بألم: ‫ - «أوووو! أنت قتلتني!» ❝

❞ لم يفك الحبل من حول جسدها فقط ترك يديها كما هي دون قيد وفي غمضة عين، أخذت زجاجة خبأتها في شعرها، وشربتها، وماتت في لحظات صرخت هند حينها وقالت سامحني، والله كنت لأخبرك ولن أقتلك وظلت ترجع بظهرها، حتى وقعت من الجبل ❝

‏ضحكتم.. أليس كذلك؟ إن لم تضحكوا رجاء تأكدوا من أن كل شيء -نفسيًا وروحيًا- على ما يرام.. 🙏🏻😅

لماذا أقتبس هذه السطور -غير المُلهمة- دونًا عن غيرها من السطور الغير ملهمة أيضًا؟ لأنها تبرز التناقض بين هدف المشهد، وما آلت إليه الكتابة. يعني أفترض أن المشهد يستهدف إثارة ترقب القارئ أو تشويقه.. لكن هشاشة الجمل وسطحية تركيبها، جعلته أقرب للصور المتحركة في أفلام الكرتون؛ مضحكة أكثر منها مثيرة.

عن (الروبوت): ماذا لو أمددناه بتفاصيل الشخصيات، راسمين له ملامحها الباطنية والظاهرية، مزودينه بملخص عن القصة، ونوعها، هذا بعد أن نكون قد حملناه بآلاف النصوص الأدبية السردية؟.. هل سيستطيع حينها أن يخلق نصًا سرديًا له حبكة؟ ربما.. لكنه بالتأكيد سيطفف ميزان الإحساس! الميزان الذي ستظل أثقاله -على خفتها- حملا غير قابل للتناول تكنولوجيًا، مهما تقدمت نماذج المحاكاة للعقل البشري؛ وهو مالم يُكتشف فيه -حتى الآن- سوى أقل القليل من إمكانياته وآلية عمله.

الأدب - في رأيي- أو الفن عمومًا؛ هو محاولة تجسيد ما لا نراه، لشيء يمكننا رؤيته أو قراءته أو سماعه أو لمسه، أو حتى تذوقه.. إلى آخر كل أشكال التجسيد للمشاعر والأفكار، تلك البصمة الإنسانية الخالصة. البصمة التي تكوّنت منها النفس الواحدة، على اختلاف الكائنات الحية كلها، إلا أن لها نفس كينونة المشاعر المتماثلة، وإن اختلفت طرق التعبير عنها، أو تعددت أسبابها، لكنها تظل ذات المكون، الذي لا يستطيع أحد تحريره بحق، إلا عبر نافذة إنسانية صادقة. نافذة تمزج موجة الطاقة الفيزيائية، بمؤثر الهرمون الكيميائي، بذلك العنصر المبهم الذي تذوب فيه الفطرة والجينات والخبرات مع أثر المكان والزمان، إنه عنصر قراءتنا للصورة واحساسنا بها (اقرأ) ! قراءة الذات التي تتجاوز أي نجاح جزئي قد يُحدِثه عقار مصنع، أو ذكاء مصنع أيضًأ.

تعجبت بعد القراءة ليس فقط من ركاكة اللغة أو خلخلة الحبكة وخلوها من الدوافع والتفاصيل، بل لوجود أخطاء نحوية بديهية كذلك! بدت لي باختصار كأي قصة مترجمة -بشكل غير متقن- لواحدة من قصص اليافعين.

استحداث الذكاء الصناعي واستخدامه في المجالات العلمية والتقنية المختلفة - كما أفهمه- يهدف -في الأساس- لتقليل الجهد والأخطاء البشرية، وذلك بوضع العديد والعديد من نماذج المحاكاة، التي تُمكّن (الروبوت) من التعرف على المهمة وأدائها بشكل دقيق. في المجال الطبي مثلا؛ سندخل له جميع القواعد الطبية الأساسية والمتفق عليها، ثم سنمده بآلاف الصور للأشعات المقطعية والتحاليل التي تشخص أمراضًا معينة، سيقوم بهذه المهمة أطباء مهرة بالتأكيد، واثقون تمامًا من دقة معلوماتهم واختبروا صحتها، ثم تأتي حالة جديدة تحتار فيها الآراء، فيُُستخدم هنا الذكاء الاصطناعي ليكون لديه الاحتمالات والترجيحات الأقرب للصواب؛ وفق توظيفه لكل المعلومات -القديمة والحديثة- وربطها وتحليها.

أين الخطأ إذن؟ لم لا يفاجئنا الذكاء الاصطناعي أيضُأ بروايات ذات نهايات مفاجئة، وحبكات وصياغات متقنة، مستعينًا بروايات أدباء سابقين فطاحلة؟!

لأن الأدب هو تلك التجربة الإنسانية المتفردة التي يصهر فيها الكاتب معارفه وروحه، متطهرًا من الألم والخطأ او مستعينًا بهما؛ يؤرخ للتجربة البشرية بكل ما فيها من كبرياء أو هشاشة.. لا مجال هنا للكمال والبحث عن الصواب المطلق.

تذكرة أخيرة وعلى امتداد الخط؛ أثبتت الأبحاث أن أكثر من تسعين بالمئة من الناس يتأثرون بالتواصل دون مفردات -الابتسامة، نبرة الصوت، نظرة العين، لغة الجسد..- أكثر من تواصلهم عبر الكلمات، عندما يجد العلم تفسيرًا لذلك، وتفسيرًا ربما لخصائص الثقب الأسود؛ دون أن يبتلعنا، حينها فقط سينجح الذكاء الاصطناعي في كتابة رواية، لتكون بذلك خيانة الحضارة في هذا العصر قد اكتملت.

#خيانة_في_المغرب

#نجربتي_مع_الذكاء_الاصطناعي

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق