الشطار > مراجعات رواية الشطار > مراجعة Mohammed Makram

الشطار - محمد شكري, صبري حافظ
تحميل الكتاب

الشطار

تأليف (تأليف) (تحرير) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
2

في نهاية الطريق بئر عارية معطلة. دنوت منها. أطللت على هويتها المظلمة. صمت عمقها أغراني بالسقوط. صمت أيقظ في نفسي كل يأسي: صمتي الأبدي. التقطت حجرا كبيرا جهدت في حمله و ألقيته في الهوية. سمعت دوي سقوطه في القاع ثم صمتا. و أنا مطل على الظلام و رائحة مقرفة دافئة مختزنة تتصاعد من القاع. ابتعدت عن فوهة البئر الخنزة. ظل طنين السقوط في مسمعي لحظات. تخيلتني أسقط ذاك السقوط الأصم. لست حجرا. ربما سأظل أنزف في هوية البئر حتى أهمد. الأفظع ألا أموت. لست حجرا. استأنفت سيري. صوت السقوط يجذبني إليه بسحر قوي. و أنا أقاومه حتى أيقظتني شجرة انبطحت في ظلالها الوارفة.

في هذا الجزء يودع محمد شكري حياة الصعلكة التي قصها علينا في الجزء الأول من هذه الثلاثية الخبز الحافي

الذي كان مبهرا و كاشفا و جريئا لدرجة الصدمة بعكس هذا الجزء الذي كان نقطة التحول و النقلة التي عبرت به فجوة زمنية بين حياة المشردين و حياة المثقفين.

دوخني الفرح و سكرت احتفالا بموهبتي الأدبية الدفينة. اشتريت أعدادا كثيرة وزعتها على أصدقائي المتدربين لأشعرهم بأهميتي بينهم. فكرت: ابن الكوخ و المزبلة يكتب أدبا و ينشر. لكي أزكي أهمية نفسي المتبجحة اشتريت سترة و بنطالا فاخرين و ربطات الفراشة و سلسلة يد زائفة مذهبة. تملكني الزهو و الرفعة فتخليت عن المقاهي الشعبية في الفدان و الترانكات و باريو مالقة و صرت أرتاد قاعة فندق ناسيونال. مرقص المارفيل ليلا. صار عندي مقهى كونتنينتال من الدرجة الثانية. و حانة لابارا من الدرجة الثالثة. أحلق وجهي مرة أو مرتان في اليوم إلى حد البرنزة. أتعطر حتى صرت أحمل في جيبي قارورة صغيرة. ابن البراكة و عشير الفئران يتأنق! يتحضر! يتطور! يخرج من جلد خشن ليدخل في جلد ناعم.

لم يكن هذا الجزء رواية متسلسلة شيقة كسابقه و لكنه جاء كفلاشات سريعة على موقف معينة في حياته منها الشيق و منها العادي أو السريالي أو الغامض. كانت كإطلالات سريعة في عمق الذاكرة من رجل صارع الحياة فصرعها و خبرها و حول اتجاه رياح حياته اكثر من مرة بإرادة فولاذية في ظروف أشبه بالمستحيلة.

شخصية مختلفة متناقضة لا تملك معها إلا الدهشة و التقدير رغم الخلاف و الاختلاف. رغم أن هذا الجزء لم يكن على نفس مستوى سابقه إلا أنني مضطر لإكمال سيرته الذاتية و قراءة الجزء الثالث و الأخير وجوه.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق